الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجب التوبة من التقصير والإخلال بالواجبات، كما تجب من ارتكاب المحرمات.
أما السنن والمستحبات فلا يعد تركها تقصيرًا تجب منه التوبة؛ لأن المستحب عرفه الأصوليون بأنه ما يثاب فاعله امتثالًا، ولا يعاقب تاركه.
وليس الإكثار من المباحات ذنبًا يتاب منه، إن لم يكن فيه إسراف مذموم، وقد ثبت إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن اقتصر على فعل الفرائض، ففي الصحيحين في قصة الرجل الذي جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شرائع الإسلام، فبين له النبي عليه الصلاة والسلام أركان الإسلام وفرائضه، فقال الرجل: والله لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق.
ولكنه لا يليق بالمسلم الاستمرار على ترك السنن والمندوبات؛ لأن المرء لا يسلم من التفريط في القيام بالفرائض على الوجه الأكمل، فتكون السنن والنوافل جبرًا لما فرط فيه من الفرائض، وإن كان اقتصاره على الفرائض على الوجه الأكمل سبيلًا لنجاته، لكن الأولى به الحرص على الخير.
قال النووي - رحمه الله - في شرح هذا الحديث: ويحتمل أنه أراد لا يصلي النافلة، مع أنه لا يخل بشيء من الفرائض، وهذا مفلح بلا شك، وإن كانت مواظبته على ترك السنن مذمومة، وترد بها الشهادة، إلا أنه ليس بعاص، بل هو مفلح ناج، والله أعلم. انتهى.
والله أعلم.