الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسائل المنازعات، وقضايا الخصومات، لا يمكن الاكتفاء فيها بالسؤال عن بعد، أو الحكم بناء على سماع طرف واحد، وإنما يرجع في ذلك إلى المحاكم الشرعية - إن وجدت - أو الجهات المختصة في ذلك، وإلا فمشافهة أهل العلم بها.
لكن للفائدة نجمل الجواب عما سألت عنه فيما يلي:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
والعقد هو شريعة المتعاقدين، وقانون العمل يُعتبر كالعرف، ويُحكَّم عند الاختلاف بين المؤجر والمستأجر، إذا لم يصرح في العقد بخلافه؛ لأن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
فإن كانت هناك بنود صريحة تخالف ما جرى عليه عرف العمل، فالذي يلزم رب العمل هو ما تعاقد عليه مع الأجير، لا ما جرى به العرف؛ لأنه إنما يعتبر العرف والعادة عند عدم التصريح بخلاف ما يدلان عليه، وبمعنى آخر إنما يعتبر العرف حيث لا شرط، أما مع وجود الشرط فيعمل به.
جاء في المبسوط: إنما تعتبر العادة عند عدم التصريح بخلافها. اهـ.
وننبه على أنه لا حرج في التعامل مع القوانين واللوائح التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية - كالقوانين الإدارية التي يراد بها تنظيم الأعمال، والحفاظ على الحقوق، وتحصيل مصالح الناس ـ وإنما المحرم من ذلك ما يستلزم مخالفة الشريعة.
ومهما يكن من أمر، فلا بد من رفع القضية إلى الجهات المختصة للفصل فيها، وحسم النزاع، وإعطاء كل ذي حق حقه، أو مشافهة أهل العلم بها.
والله أعلم.