الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المفسرين ذكروا أن يوسف قابل إخوته وكلمهم، ويدل لهذا ما ذكر في عدة آيات من حواره معهم، وانما لم يعرفوه لتغيره بعدهم، فقد فارقهم وهو صغير، قال ابن كثير في تفسيره: فلما دخلوا على يوسف وهو جالس في أبهته ورئاسته وسيادته، عرفهم حين نظر إليهم، وهم له منكرون، أي: لا يعرفونه؛ لأنهم فارقوه وهو صغير حدث، وباعوه للسيارة، ولم يدروا أين يذهبون به، ولا كانوا يستشعرون في أنفسهم أن يصير إلى ما صار إليه، فلهذا لم يعرفوه، وأما هو فعرفهم. اهـ.
وفي فتح القدير للشوكاني: قوله: وجاء إخوة يوسف أي: جاءوا إلى مصر من أرض كنعان ليمتاروا لما أصابهم القحط، فدخلوا على يوسف فعرفهم لأنه فارقهم رجالًا، وهم له منكرون؛ لأنهم فارقوه صبيًا يباع بالدراهم في أيدي السيارة بعد أن أخرجوه من الجب، ودخلوا عليه الآن وهو رجل عليه أبهة الملك، ورونق الرئاسة، وعنده الخدم والحشم، وقيل: إنهم أنكروه لكونه كان في تلك الحال على هيئة ملك مصر، ولبس تاجه وتطوق بطوقه، وقيل: كانوا بعيدًا منه فلم يعرفوه، وقيل: غير ذلك. اهـ
والله أعلم.