الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولا على ثقتك بموقعنا وكتابتك إلينا ، وهذا دليل صدق فيك وعقل نرجو أن لا يسلمك إلا إلى خير.
والإسلام هو الدين الحق الذي ختم الله به الأديان ، قال تعالى :إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {آل عمران:19}، ودلائل كونه الدين الحق كثيرة ، سبق لنا ذكر جملة منها في بعض الفتاوى ، نحيلك منها على الأرقام : 20984 - 74500- 32949. وهذه الدلائل هي التي جعلت كثيرا من الكفار يدخلون في الإسلام أفواجا، ويلتزمون شعائره ، ويجدون فيه الدين الذي يوافق فطرهم ، ويشبع حاجة أرواحهم. فمن الغريب أن تشكي فيه أو تسعي للدخول في النصرانية، ونحن نرى كثيرا من أهلها يقبلون على الإسلام.
والشك في هذه الحقيقة كفر بالله تعالى ، فمن شروط لا إله إلا الله اليقين المنافي للشك، كما ذكر أهل العلم مستدلين على ذلك بقول الله تعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {الحجرات:15}، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 132018.
وقد نسخ الله بالإسلام كل دين سواه، لا النصرانية ولا غيرها ، قال تعالى : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85}، وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « والذى نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به؛ إلا كان من أصحاب النار ». ، فإذا كان النصراني مطلوب منه الدخول في الإسلام، فكيف تلجئين للدخول في النصرانية؟ وهي دين محرف مشتمل على كثير من الأباطيل التي لا يرتضيها العقل السليم، فضلا عن الشرع ، فإذا تركت الإسلام ودخلت في النصرانية فهذه تعتبر ردة عن الإسلام، فيها خسران الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل : وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة:217}.
وهنالك فتاوى تبين بطلان دين النصرانية وتناقض الأناجيل يمكن أن يطلع منها على الفتاوى التالية أرقامها 8210 - 10326 - 70498 - 70824 - 116838 - 6828 - 118616.
وننبه إلى أن الله غني عنا وعن إيماننا وطاعاتنا ، فلا تنفعه سبحانه طاعة المطيع، ولا تضره معصية العاصي ، قال سبحانه : مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا {الإسراء:15}، وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال : « ... يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرى فتضروني، ولن تبلغوا نفعى فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ».
وفي الختام نرجو أن نسمع عنك كل خير ، وإذا كانت هنالك بيئة أو صداقة سيئة تؤثر سلبيا على دينك وإيمانك ، وتدخل عليك بعض الشبهات، أو تحاول أن تضلك بشيء من الشهوات، فننصحك باجتنابها واختيار بيئة صالحة تدلك على الخير وتعينك عليه. ولمزيد الفائدة راجعي الفتاوى 10800 - 1208 - 18074 ففيها بيان بعض وسائل الثبات، والوقاية من الفتن.
والله أعلم.