الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في القدر الواجب على الزوج في الجماع، فمنهم من أوجب عليه الجماع مرة كل أربع ليال، وبعضهم أوجبه كل أربعة أشهر، وبعضهم أوجبه كل طهر، والراجح عندنا أنه واجب عليه بقدر حاجتها، وقدرته، وهو اختيار ابن تيمية –رحمه الله-
قال في الفتاوى الكبرى: وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ مِنْ أَوْكَدِ حَقِّهَا عَلَيْهِ، أَعْظَمَ مِنْ إطْعَامِهَا، وَالْوَطْءُ الْوَاجِبُ قِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً، وَقِيلَ: بِقَدْرِ حَاجَتِهَا، وَقُدْرَتِهِ، كَمَا يُطْعِمُهَا بِقَدْرِ حَاجَتِهَا، وَقُدْرَتِهِ، وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الفتاوى الكبرى.
أما ملاطفة المرأة، ومداعبتها عند الاستمتاع، وتمكينها من قضاء وطرها، فقد نصّ أهل العلم على استحبابه، وكراهة تركه.
قال ابن قدامة –رحمه الله-: ويستحب أن يلاعب امرأته قبل الجماع؛ لتنهض شهوتها، فتنال من لذة الجماع مثل ما ناله. وقد روي عن عمر بن عبد العزيز، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تواقعها إلا وقد أتاها من الشهوة مثل ما أتاك، لكي لا تسبقها بالفراغ. قلت: وذلك إلي؟ قال: نعم، إنك تقبلها، وتغمزها، وتلمزها، فإذا رأيت أنه قد جاءها مثل ما جاءك، واقعتها» . فإن فرغ قبلها، كره له النزع حتى تفرغ؛ لما روى أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جامع الرجل أهله فليصدقها، ثم إذا قضى حاجته، فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها» . ولأن في ذلك ضررا عليها، ومنعا لها من قضاء شهوتها. المغني لابن قدامة.
وقال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير: فَإِن سبقها بالإنزال وَهِي ذَات شَهْوَة، فَلَا يعجلها أَي فَلَا يحملهَا على أَن تعجل فَلَا تقضي شهوتها بذلك الْجِمَاع بل يُمْهِلهَا حَتَّى تقضي وطرها ندباً. اهـ.
وإذا لم يقم الزوج بحق زوجته في الفراش، فمن حقها طلب الطلاق أو الخلع، كما بيناه في الفتوى رقم: 113898، والفتوى رقم: 19663.
أما حق الفسخ فلا يثبت للزوجة بترك الوطء، إلا إذا ثبت عجز الزوج كليا عن الوطء، بتفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 130105.
والله أعلم.