الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه القصة مناقضة للعقيدة الإسلامية، ومخلة بالآداب والأخلاق، فلا يجوز للمعلم أن يدرسها للطلبة إلا مع بيان باطلها ورد ما جاء فيها من أباطيل، وهذا نوع من إنكار المنكر، ويقال أيضا في حكم من يدرسها من الطلبة إن كان يعلم من نفسه قوة فهم وبصيرة يتمكن بها من رد هذه الشبه وعدم التأثر بها جاز له دراستها؛ وإلا لم تجز دراستها ولا النظر فيها.
وقد قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ في فتح الباري عند كلامه عن حكم النظر في كتب أهل الكتاب المحرفة: وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَيَصِرْ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْإِيمَانِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ بِخِلَافِ الرَّاسِخِ فَيَجُوزُ لَهُ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ نَقْلُ الْأَئِمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنَ التَّوْرَاةِ وَإِلْزَامُهُمُ الْيَهُود بِالتَّصْدِيقِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ كِتَابِهِمْ، وَلَوْلَا اعْتِقَادُهُمْ جَوَازَ النَّظَرِ فِيهِ لَمَا فَعَلُوهُ وَتَوَارَدُوا عَلَيْهِ. انتهى.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل دراسة الفلسفة والمنطق والنظريات التي فيها استهزاء بآيات الله يحل الجلوس في أماكن دراستها؟ وهل هذا يدخل ضمن الآية الكريمة: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ؟ فأجابت: إذا كان عالما واثقا من نفسه لا يخشى الفتنة في دينه من قراءتها ولا من مجالسة أهلها وقصد بقراءتها الرد على ما فيها من باطل ـ نصرة للحق ـ جاز له دراستها لذلك، وإلا حرم عليه دراستها ومخالطة أهلها، بعدا عن الباطل وأهله، واتقاء للفتنة. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 31515.
والله أعلم.