الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم هل يحنث الحالف بفعل المحلوف عنه ناسياً أنه حلف أم لا يحنث؟، فذهبت طائفة منهم إلى أنه لا يحنث بذلك، وأنه معذور بالنسيان ولا كفارة عليه، واستدلوا بقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5}. وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد، وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
وفي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قرأ قول الله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286}، قال: قال الله: قد فعلت.
وقالوا: إن الكفارة لرفع الإثم، والإثم منتف هنا.
وذهبت طائفة أخرى إلى أنه يحنث بفعل المحلوف عليه ناسياً وعليه الكفارة، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فمن لم يجد شيئاً من ذلك صام ثلاثة أيام. ودليل هؤلاء أن الحالف لما كان عامداً للفعل الذي هو سبب الحنث لم يعذر بنسيان أنه حلف، فلزمته الكفارة.
والأحوط أن تكفر عن يمينك خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.