الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتلفظ بالطلاق لا يختلف حكمه بكونه عبر الهاتف أو مواجهة، لكن إذا اشتد الغضب بالزوج حتى غلب على عقله وسلبه الإدراك، فطلاقه وظهاره حينئذ لغو غير نافذ، وانظر الفتوى رقم : 98385.
أما إذا تلفظ الزوج بالطلاق أو الظهار مدركاً غير مسلوب الوعي، فطلاقه وظهاره نافذ، لكن أهل العلم اختلفوا في حكم الحلف بالطلاق وتعليقه على شرط، وجمهورهم على وقوع الطلاق بالحنث فيه مطلقاً، وهذا هو المفتى به عندنا، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- ومن وافقه، أن الحلف بالطلاق وتعليقه من غير قصد إيقاعه - وإنما بقصد التأكيد أو المنع أو الحث - لا يقع به الطلاق، وإنما تلزم الحالف كفارة يمين إذاحنث، وانظر الفتوى رقم : 11592.
وقول الزوج لامرأته : أنت مثل أمي وأختي.. كناية ظهار عند بعض العلماء وصريح عند بعضهم، والراجح -والله أعلم- أنه ظهار في مثل تلك الحال المسئول عنها، قال ابن قدامة –رحمه الله- : " والذي يصح عندي في قياس المذهب، أنه إن وجدت قرينة تدل على الظهار، مثل أن يخرجه مخرج الحلف، فيقول: إن فعلت كذا فأنت علي مثل أمي. أو قال ذلك حال الخصومة والغضب، فهو ظهار" المغني لابن قدامة (8/ 7)
وعليه، فالمفتى به عندنا وقوع الطلاق والظهار، فإن كان الطلاق دون الثلاث فللزوج مراجعة زوجته قبل انقضاء عدتها، لكن لا يحل له أن يمسها قبل أن يكفر كفارة الظهار المذكورة في قول الله تعالى : وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا {المجادلة:3-4}، وانظر الفتوى رقم : 192
وليس عليه تكرار كفارة الظهار لتكرار ألفاظ الظهار بل تكفيه كفارة واحدة، قال ابن قدامة –رحمه الله- : " فأما إن ظاهر من زوجته مرارا ولم يكفر، فكفارة واحدة؛ لأن الحنث واحد، فوجبت كفارة واحدة، كما لو كانت اليمين واحدة " المغني لابن قدامة (8/ 21).
والله أعلم.