الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الدورة التاسعة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في مدينة الطائف في شهر شعبان عام: 1396هـ، ما نصه: نظرًا إلى أن التشريح فيه امتهان لكرامته، وحيث إن الضرورة إلى ذلك منتفية بتيسر الحصول على جثث أموات غير معصومة، فإن المجلس يرى الاكتفاء بتشريح مثل هذه الجثث، وعدم التعرض لجثث أموات معصومين، والحال ما ذكر.
وقال سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله-: إذا كان الميت معصومًا في حياته، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، وسواء كان رجلًا أو امرأة، فإنه لا يجوز تشريحه؛ لما في ذلك من الإساءة، وانتهاك حرمته، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كسر عظم الميت ككسره حيًّا ـ أما إذا كان غير معصوم كالمرتد، والحربي، فلا أعلم حرجًا في تشريحه للمصلحة الطبية، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وعلى هذا، فالأصل احترام جثث الموتى، وعدم جواز نبش القبور في بلادك لهذا الغرض؛ لأن الأصل في الأموات فيها العصمة، سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين، فإن أمكنك الاكتفاء بعظام الكفار غير المعصومين فذلك، وإلا فلا نرى لك جواز الإقدام على جثث الموتى مقبورين، أو غير مقبورين؛ لأن فتح الباب في ذلك لآحاد الناس مظنة حدوث الشرور والفتن، وما لا تحمد عقباه، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإذا دعت المصلحة إلى شيء من ذلك، فإن الذي يقوم بذلك جهة رسمية، منعًا لحدوث المفاسد، كما أنه يرجع في تقدير تلك المصلحة إلى الجهات العلمية المعتمدة بالتعاون مع المؤسسات الشرعية، وراجع للفائدة الفتويين ورقم: 56764، ورقم: 22325، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.