الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا ضوابط ما يحل من الألعاب وما يحرم، فانظر ذلك في الفتوى رقم : 121526 .
وأما ما يتعلق بالقمار في الألعاب فيقال فيه: إن القمار المتفق على تحريمه هو ما فيه مخاطرة بين اللاعبين بشيء يتملك حقيقية، سواء كان نقدا أو آلة أو دمية أو غيرها. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : اتفق الفقهاء على تحريم ميسر القمار. وقال الشافعية: إن شرط فيه مال من الجانبين بحيث يكون المال لمن غلب من اللاعبين، فهو القمار المحرم، وصرحوا بأنه حينئذ كبيرة من الكبائر، وقال الرملي منهم: والمحرم العقد، وأخذ المال، لأنه غصب من الجانبين أو أحدهما . اهـ.
وأما الألعاب التي فيها دمى أو نحوها وتكون اللعبة بأخذ اللاعب لدمية خصمه أو نحوها في أثناء اللعبة دون أن يكون هناك شيء يتملك حقيقة فلا يعد هذا من القمار المحرم .
لكن من حيث العموم : فمثل هذه الألعاب التي فيها مغالبة بين اللاعبين لمجرد اللهو، وليست فيها فائدة قد ذهب إلى تحريمها كثير من العلماء ولو بدون قمار ، قال ابن القيم : المغالبات فِي الشَّرْع تَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقسَام؛ أَحدهَا: مَا فِيهِ مفْسدَة راجحة على منفعَته كالنرد وَالشطْرَنْج، فَهَذَا يحرمه الشَّارِع لَا يبيحه إِذْ مفسدته راجحة على مصْلحَته وَهِي من جنس مفْسدَة السكر، وَلِهَذَا قرن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَين الْخمر والقمار فِي الحكم وجعلهما قريني الأنصاب والأزلام، وَأخْبر أَنَّهَا كلهَا رِجْس وَأَنَّهَا من عمل الشَّيْطَان، وَأمر باجتنابها وعلق الْفَلاح باجتنابها وَأخْبر أَنَّهَا تصد عَن ذكره وَعَن الصَّلَاة، وتهدد من لم ينْتَه عَنْهَا. وَمَعْلُوم أَن شَارِب الْخمر إِذا سكر كَانَ ذَلِك مِمَّا يصده عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة ويوقع الْعَدَاوَة والبغضاء بِسَبَبِهِ ، وَكَذَلِكَ المغالبات الَّتِي تلهي بِلَا مَنْفَعَة كالنرد وَالشطْرَنْج وأمثالهما مِمَّا يصد عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة لشدَّة التهاء النَّفس بهَا واشتغال الْقلب فِيهَا أبدا بالفكر .اهـ..
وقال أيضا عن هذا النوع من المغالبات : محرم وَحده وَمَعَ الرَّهْن ، وَأكل المَال بِهِ ميسر وقمار كَيفَ كَانَ، سَوَاء كَانَ من أَحدهمَا أَو من كليهمَا أَو من ثَالِث وَهَذَا بِاتِّفَاق الْمُسلمين غير سَائِغ ، فَأَما إِن خلا عَن الرَّهْن فَهُوَ أَيْضا حرَام عِنْد الْجُمْهُور .اهـ. من كتاب الفروسية . وانظر الفتوى رقم : 150831 .
وبعد هذا : فنعتذر عن النظر في الرابط المرسل، وبإمكانك تطبيق الضوابط السابقة على هذه اللعبة وغيرها ، فتعرف بذلك هل هي مباحة أم محرمة .
وعل كل حال : فينبغي للمسلم أن يعمر وقته بما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه، وأن يحذر من أن يكون صريعا لأجهزة اللهو واللعب تبدد عليه زمنه ، فإن المرء مسؤول عن وقته ، كما في الحديث: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه.. أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
والله أعلم.