الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد وصفت أباك بصفات في غاية القبح والشناعة، مع أنك ذكرت أن به بعض الإعاقة النفسية، وقد تكون نظراته لك نابعة من هذه الإعاقة، من غير أن يريد ما ذكرت.
فاتقي الله، واحذري؛ فإن وصفه بهذه الصفات مع براءته منها، من أعظم العقوق، ولا يجوز لأحد أن يدعي على غيره أنه لوطي القلب؛ فإن القلوب لا يطلع عليها إلا خالقها، وهذا اتهام قبيح، شديد القبح لا يقدم عليه إلا متهور، مجترئ على أعراض المسلمين.
وعلى كل، فقد ذكرت جملة منكرات بعضها أشد من بعض، ولعل من أخطرها عدم المبالاة بالصلاة، فالتهاون فيها أمر عظيم، حتى أن بعض أهل العلم قد ذهب إلى كفر من تركها ولو كسلًا، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 1145.
ومن كان هذا حاله في العلاقة مع ربه، لا يستغرب منه أي منكر، فالصلاة مانعة من إتيان الفواحش، والمنكرات كما قال تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}، قال البيهقي في شعب الإيمان معلقًا على هذه الآية: والانتهاء عن الفحشاء، والمنكر هو التقوى؛ وهذا لأن من حبب الله إليه الصلاة، ووفقه لها، وذلل أعضاءه وجوارحه بها، لم يكن إلا منتهيًا عن الفحشاء والمنكر...اهـ.
وروى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: لا تنفع الصلاة إلا من أطاعها، ثم قرأ عبد الله: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر}. وفي مسند الفردوس للديلمي عن ابن مسعود أيضًا أنه قال: لا صلاة لمن لا يطيع الصلاة، وطاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر.
ومن أعظم العدوان عدوان الرجل على محارمه، فيعتدي على عرضه، ويسعى في خراب بيته بنفسه، وهو المأمول في أن يكون الحامي لذلك، والمدافع عنه، فإذا رأيت من أبيك نظرات مريبة، أو تصرفات مسيئة، فالواجب عليك معاملته معاملة الأجنبي، فلا تضعي حجابك عنده، ولا تمكنيه من الخلوة بك، ونحو ذلك؛ وراجعي الفتوى رقم: 131586.
ونوصيك بالحرص على الدعاء له بالهداية، ونصحه فيما يظهر منه من منكرات، وليكن ذلك برفق ولين، وكذلك مناصحة بقية أهلك فيما يقع منهم من تفريط في أمر دينهم، مع الدعاء لهم أيضًا بالتوبة، والهداية. واجتهدي في البحث عن زوج صالح تنتقلين معه من هذه البيئة السيئة؛ وانظري الفتوى رقم: 18430.
والله أعلم.