الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السعي في خدمة الدين باستخدام التقنية الحديثة أمر مشروع، وتشرع كذلك ترجمة القرآن ليستفيد منه من لا يعلم العربية، وقد قدمنا في الفتويين رقم: 61198، ورقم: 67698، ذكر بعض الترجمات الموثوق بها، فتمكنك الاستفادة منها.
وأما الموقع المذكور: فلم نطلع عليه اطلاعا كافيا، ولا حرج في اطلاع الكفار على الترجمة لبعض الآيات، لأن ترجمة القرآن ليست قرآنا، وإنما هي من قبيل التفسير، لأن القرآن هو: اللفظ العربي المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولذا قال الفقهاء رحمهم الله تعالى: لا تحرم قراءة الترجمة على الجنب والحائض، ويجوز كذلك إطلاعه على الآية ونحوها لدعوته بها ووعظه، فقد قال الباجي في شرح الموطأ: مسألة: ولو كان أحد من الكفار رغب أن يرسل إليه بمصحف يتدبره لم يرسل إليه به، لأنه نجس جنب ولا يجوز له مس المصحف، ولا يجوز لأحد أن يسلمه إليه، ذكره ابن المجاشون، وكذلك لا يجوز أن يعلم أحد من ذراريهم القرآن، لأن ذلك سبب لتمكنهم منه، ولا بأس أن يقرأ عليهم احتجاجاً عليهم به، ولا بأس أن يكتب إليهم بالآية ونحوها على سبيل الوعظ كما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْـ وقوله: مخافة أن يناله العدو ـ يريد أهل الشرك، لأنهم ربما تمكنوا من نيله والاستخفاف به، فلأجل ذلك منع السفر به إلى بلادهم. اهـ.
وفي المجموع لـلنووي: اتفقوا على أنه لا يجوز المسافرة بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه في أيديهم؛ لحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، واتفقوا أنه يجوز أن يكتب إليهم الآية والآيتان وشبههما في أثناء كتاب، لحديث أبي سفيان رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم كتابًا فيه: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ـ الآية. اهـ.
والله أعلم.