الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوجة أن تصل أرحامها، ويتحقق ذلك بأن تتصل بأمها، وإخوتها، وأخواتها، وتتفقد أحوالهم؛ لقول النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ «بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ» رواه البيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني في الصحيحة.
وقال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات، بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام. انتهى.
ويحرم على الزوجة قطيعة أرحامها؛ لأن قطيعة الأرحام من الكبائر؛ لقول النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ :لا يدخل الجنة قاطع. متفق عليه.
ولاحرج على المرأة في أن تتصل بهم بغير علم زوجها، إذا منعها من التواصل معهم؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ لقول النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
ولا شك أن صلة الأرحام من أعظم المعروف، وليس في اتصالها بهم ما يفوت على الزوج شيئا من حقوقه الواجبة عليها، وليس في ذلك تأقيت شرعي، بل المرجع في تقدير ذلك إلى العرف والعادة، كما بيناه في الفتوى رقم: 245188.
علما بأن صلة المرأة لأمها لا تسقط عنها الصلة الواجبة لسائر محارم أرحامها؛ كالإخوة، والأخوات، والأعمام، والعمات، والأخوال، والخالات، وليس للزوج أن يمنع المرأة من أداء ما أوجب الله عليها من صلة أرحامها، كما أنه يحرم عليه بدوره أن يقطع رحمه، فتلك من الكبائر؛ كما بيناه.
وأخيرا نوصي الزوجة بمناصحة زوجها بالرفق، واللطف بصلة أرحامه؛ ففي ذلك بركة في الرزق، والعمر كما قال النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» . متفق عليه.
والله أعلم.