الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطلاق مباح، وخاصة إن دعا إليه سبب، ويكره لغير سبب؛ وراجع الفتوى رقم: 12963.
فلو أنك طلقت زوجتك لم تكن آثما على كل حال. ولكن نصيحتنا لك أن تعتبر بحال زوجتك الآن، ولا تلتفت إلى ماضيها.
فمن ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « والذى نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم ». ورى الترمذي وابن ماجة وحسنه الألباني عن أنس- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون ".
فإن ندمت زوجتك، وتابت إلى الله واستقامت، فأمسكها وعاشرها بالمعروف. وإذا طرأت على قلبك الوساوس، والشكوك فادفعها بذكر الله، والاستعاذة به من الشيطان الرجيم، وتذكر النصوص التي ذكرناها وغيرها، وما تضمنته من كون الخالق، المنعم، المتفضل، الكريم، يعفو ويصفح، فعباده أولى بذلك.
ومن الأمور الحسنة أن يغار الزوج على زوجته، وهذه الغيرة تكون محمودة حيث وجدت ريبة، فإذا كانت في غير ريبة - أي لظنون قائمة على أوهام - كانت مذمومة. ولمزيد الفائدة راجع فتوانا رقم: 17659.
وفي نهاية المطاف إن صعب عليك معاشرتها، وخشيت أن لا تدوم الزوجية بينكما مستقبلا، فطلاقها الآن، قبل إنجاب الذرية قد يكون أهون، وأضعف أثرا، ولعل الله تعالى يغني كلا منكما من فضله، فهو القائل سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
قال القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن عند تفسير هذه الآية: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.
والله أعلم.