حكم تطليق الزوجة بسبب حبها لرجل آخر قبل الزواج

19-6-2014 | إسلام ويب

السؤال:
أخي: موضوعي حساس جدا، وأريد فتوى صريحة.
أنا إنسان محافظ جدا، ومن عائلة محافظة. أدرس في الخارج، وأردت إكمال نصف ديني. أخبرني صديقي عن فتاة. فذهبت وسألت عن أبيها كثيرا، وعن أمها، وإخوتها. والكل مدحهم أنهم من عائلة محافظة، والبنات يلبسن لباسا شرعيا كاملا (جلباب، أو عباءة واسعة).
والفتاة من الأوائل، فقد حصلت على الترتيب الأول على مستوى الكلية. وجلست معها، ثم عدت وسألت عنهم، والكل مدحهم بأخلاقهم. طبعا خلال هذه الفترة استخرت كثيرا، ودعوت ربي كثيرا كثيرا بأن يرزقني الزوجة الصالحة. وكل ما استخرت أحب القرب منها أكثر وأكثر حتى عقدت العقد. وبعد ذلك تزوجت.
واكتشفت من خلال جوال زوجتي أنها كانت على علاقة مع اثنين من زملائها من خلال المراسلات، والكلام. واكتشفت أيضا أن زوجتي كانت تقف مع الشباب من طلاب دفعتها على أساس أنها تشرح لهم العلم؛ لكونها جيدة في تخصصها. ولكن اكتشفت أنها من خلال التكلم مع زملائها قد أحبت زميلا لها، وتكلمه بالهاتف، وتجلس معه في الجامعة، وأن الخطاب كانوا يتقدمون لها وهي ترفض؛ لأنها لا تريد غيره، ولكن لأن مواصفاتي ممتازة قبلت بي من خلال إقناع أهلها بي، بأني أحمل صفات جيدة.
أنا الآن لا أستطيع النوم، والتفكير قتلني، ولا أعرف ماذا أفعل؟
أرجو الإجابة على الأسئلة التالية بصراحة:
1) أرضى يوما، وأسامحها شفقة عليها، ولكن أعود بعد عدة أيام وأغضب، وأذكرها بذلك، ويصبح النكد سيد الموقف، وأحيانا أحس بأني سأصاب بسكتة قلبية من كثرة التفكير والشك.
هل علي إثم إذا طلقتها؟
أنا إنسان أخاف الله، ولكن أريد أن أطلقها. فهل ذلك حرام، وسأحاسب عليه، علما أنه ليس لدينا أولاد، وأنا أخاف أن نرزق بأولاد، ثم أطلقها لاحقا. لا أريد ذلك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فأنا حاليا لا أستطيع العيش معها.
2) إذا كان حراما أن أطلقها. ما ذنبي أن أبقى طوال عمري في شك، وتفكير، وغضب. وبماذا تنصحوني لإزالة تلك الشكوك والتفكير؟
3) أنا غيور جدا؛ ولذلك أشعر بضيق كبير، ولا أستطيع تحمل ذلك، وثقتي بزوجتي معدومة، والشك والتفكير السيئ يقتلني.
انصحوني إخوتي بالله عليكم؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

   فالطلاق مباح، وخاصة إن دعا إليه سبب، ويكره لغير سبب؛ وراجع الفتوى رقم: 12963.

 فلو أنك طلقت زوجتك لم تكن آثما على كل حال. ولكن نصيحتنا لك أن تعتبر بحال زوجتك الآن، ولا تلتفت إلى ماضيها.

 فمن ذا الذي ما ساء قط       ومن له الحسنى فقط

وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « والذى نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم ». ورى الترمذي وابن ماجة وحسنه الألباني عن أنس- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون ".

 فإن ندمت زوجتك، وتابت إلى الله واستقامت، فأمسكها وعاشرها بالمعروف. وإذا طرأت على قلبك الوساوس، والشكوك فادفعها بذكر الله، والاستعاذة به من الشيطان الرجيم، وتذكر النصوص التي ذكرناها وغيرها، وما تضمنته من كون الخالق، المنعم، المتفضل، الكريم، يعفو ويصفح، فعباده أولى بذلك.
  ومن الأمور الحسنة أن يغار الزوج على زوجته، وهذه الغيرة تكون محمودة حيث وجدت ريبة، فإذا كانت في غير ريبة - أي لظنون قائمة على أوهام - كانت مذمومة. ولمزيد الفائدة راجع فتوانا رقم: 17659.

 وفي نهاية المطاف إن صعب عليك معاشرتها، وخشيت أن لا تدوم الزوجية بينكما مستقبلا، فطلاقها الآن، قبل إنجاب الذرية قد يكون أهون، وأضعف أثرا، ولعل الله تعالى يغني كلا منكما من فضله، فهو القائل سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.

 قال القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن عند تفسير هذه الآية: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ. 

والله أعلم.

www.islamweb.net