الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشك بعد الفراغ من الصلاة لا يلتفت إليه, ولا يطالب المصلي أن يأتي بما شك فيه, وتكون صلاته صحيحة, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 120064 ، وإعادة الصلاة مرتين إنما يكون بإعادتها كلها بعد صلاتها أولا مكتملة الشروط والأركان، سالمة مما يبطلها, وهذا مكروه من غير سبب شرعي يقتضي الإعادة.
فقد جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية متحدثا عن إعادة الصلاة المفروضة من غير سبب: أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَهُوَ فِي الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ, وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ, وَأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْصِدَ إعَادَةَ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِي الْإِعَادَةَ؛ إذْ لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لِلصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ كَانَ يُمْكِنُ الْإِنْسَانَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَرَّاتٍ, وَالْعَصْرَ مَرَّاتٍ, وَنَحْوَ ذَلِكَ, وَمِثْلُ هَذَا لَا رَيْبَ فِي كَرَاهَتِهِ, وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ الْأَسْوَدِ: فَهُوَ إعَادَةٌ مُقَيَّدَةٌ بِسَبَبِ اقْتَضَى الْإِعَادَةَ, وَهُوَ قَوْلُهُ: "إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا, ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ؛ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ"، فَسَبَبُ الْإِعَادَةِ هُنَا حُضُورُ الْجَمَاعَةِ الرَّاتِبَةِ, وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّى ثُمَّ حَضَرَ جَمَاعَةً رَاتِبَةً أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ. انتهى.
والله أعلم.