الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الكذب من أقبح الذنوب، وأشنعها، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ... وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. رواه مسلم.
ويعظم إثم الكذب بحسب ما يترتب عليه؛ ولذلك فإن التوبة من الكذب إن لم ينشأ عنه ضرر لشخص آخر، يكفي فيها الشروط المعروفة ( الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه ).
أما إن كان قد نشأ عنه ضرر لشخص آخر، فلا بد - إضافة للشروط السابقة - من أن يتحلل منه، فيطلب منه المسامحة فيما سبب له فيه الضرر، وهذا هو رأي الجمهور، وقال بعض العلماء: إن كان حق الآدمي مما لا يستوفى كالغيبة، والنميمة، والكذب ونحو ذلك، فيكتفي بالدعاء له، والاستغفار وذكره بخير؛ وانظر تفصيل القولين مع أدلة من قال بهما في فتوانا رقم: 127747.
وعلى كل، فإنه لا يشترط أن تخبر من كذبت عليه بأنك كذبت عليه، وإنما يكفي طلب السماح والإعتذار إليه، إلا إذا كان في إخباره بذلك جلب لمصلحة، أو درء لمفسدة، فيخبر ما لم يترتب على ذلك مفسدة أعظم؛ وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 261484 - 59263 - 141049.
والله أعلم.