الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عجز عن الركوع, والسجود لشدة الزحام, فقال بعض أهل العلم يكون مدركا للجمعة، ويصلي ركعتين بعد انتهاء الزحام, وقال بعضهم يصلي أربعا ، لكونه لم يدرك الجمعة, قال ابن قدامة في المغني: وقد اختلفت الرواية عن أحمد في من أحرم مع الإمام، ثم زحم فلم يقدر على الركوع والسجود حتى سلم الإمام، فروى الأثرم، والميموني، وغيرهما، أنه يكون مدركا للجمعة، يصلي ركعتين، اختارها الخلال، وهذا قول الحسن، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، لأنه أحرم بالصلاة مع الإمام في أول ركعة، أشبه ما لو ركع وسجد معه، ونقل صالح، وابن منصور، وغيرهما، أنه يستقبل الصلاة أربعا وهو ظاهر قول الخرقي وابن أبي موسى، واختيار أبي بكر، وقول قتادة، وأيوب السختياني، ويونس بن عبيد والشافعي، وأبي ثور، وابن المنذر، لأنه لم يدرك ركعة كاملة، فلم يكن مدركا للجمعة، كالتي قبلها. انتهى.
وبناء على ما سبق, فإن كان الشخص المذكور قد بنى على إحرامه وصلى أربعا ـ بعد انتهاء الزحام ـ يركع ويسجد فهذا يكفيه، كما يكفيه لو صلى ركعتين على قول من يرى أنه أدرك الجمعة, وإن كان قد سلم مع إمامه, فالجمعة باطلة ويجب عليه أن يعيدها ظهرا ـ أربع ركعات ـ إذا لم يتمكن من صلاتها جمعة مع إمام آخر، مع التنبيه على أن العاجز عن السجود لزحام يسجد على ظهر, أو قدم المصلي الذي أمامه عند كثير من أهل العلم إذا أمكنه ذلك, قال ابن قدامة في المغني: ومتى قدر المزحوم على السجود على ظهر إنسان أو قدمه لزمه ذلك وأجزأه، وبهذا قال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وقال عطاء والزهري ومالك: لا يفعل. انتهى.
والله أعلم.