الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تواترت النصوص بطلوع الشمس من مغربها في آخر الزمان، وأن ذلك من أشراط الساعة، وأنه حين يكون ذلك يغلق باب التوبة، فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا، والواجب علينا أن نقف حيث أوقفنا الله تعالى، وألا نتكلف البحث عما لم يخبرنا الله به، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى لم يخبرنا بكيفية طلوع الشمس من مغربها، ولا أن ذلك هل يحصل للأرض كلها مرة واحدة، أو يحصل على ناحية ثم أخرى وهكذا، والعلم بمثل هذا مما لم نؤمر باكتناهه، وإنما علينا أن نصدق، ونسلم لما أخبرنا الله به، ورسوله صلى الله عليه وسلم، فمن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم، ومثل هذه الغيبيات لا سبيل إلى معرفتها إلا من خلال الوحي، وإذ لم يخبرنا الوحي بكيفية طلوع الشمس من مغربها، فعلينا أن نتوقف، ونقول بما قالت به النصوص من أن الشمس إذا طلعت من مغربها، أغلق باب التوبة، فلم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا.
وإذا فرض أن ذلك يحصل على ناحية قبل أخرى، فإن من طلعت عليهم الشمس من مغربها، قد أغلق في حقهم باب التوبة، ولا يثبت ذلك في حق غيرهم حتى يحصل ما علق به إغلاق بابها في حقهم، وهو طلوع الشمس عليهم من مغربها.
يدل على ذلك ما جاء في البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-من أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ: حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا.
والله أعلم.