الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، وفاعله منتكس الفطرة يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة، واختلاف العلماء في عقوبة هذه الفاحشة في الدنيا كاختلافهم في غيرها من الأحكام الاجتهادية التي لا يشنع فيها على المخالف، ولا يجوز اتهام أهل العلم باتباع الهوى بسبب قول أداهم اجتهادهم إليه، والأحاديث في هذا الباب مختلف في ثبوتها، وبخصوص الحديث الذي ذكرته، فقد قال ابن القيسراني رحمه الله: حَدِيث: الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ، وَقَالَ: أَنا مِنْهُمَا برِئ ـ رَوَاهُ رشدين بن سعد: عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن دراج، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفَاعِل ... وَرشْدِين لَيْسَ بِشَيْء. اهـ
ومهما كان من الخلاف في تلك العقوبة، فإن هذا الخلاف لا يهوّن من بشاعة تلك الكبيرة، ولا يخفف من فظاعة تلك الجريمة، ولا يعني ذلك إغلاق أبواب الأمل في وجه من وقع في تلك الكبيرة وتقنيطه من رحمة الله، بل التوبة بابها مفتوح، ومن تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وكون بعض الناس يميلون بطبعهم إلى هذا الانحراف، لا يعني أنهم معذورون في الوقوع في تلك الفاحشة، فالواجب على المرء أن يجاهد نفسه ويخالف هواه الذي يقوده إلى معصية ربه، وأما مجرد الميل دون وقوع في الفواحش أو مقدماتها ودون تشبه بالجنس الآخر، فلا يترتب عليه إثم، ولا يلحق صاحبه بقوم لوط، لكن على من يجد في نفسه هذه الميول المنحرفة ألا يستسلم لها، ولا يعرض نفسه للفتنة، بل عليه أن يسد أبوابها، فإن كانت مصافحة بعض الناس أو مخالطتهم مظنة فتنة أو ثوران شهوة، فالبعد عن ذلك متعين، ولا ريب في كون مجاهدة النفس على الطاعة والبعد عن المعاصي من الأعمال الصالحة التي يثاب عليها العبد يوم القيامة أعظم الثواب، وللفائدة ننصح بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.