الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن نعم الله على عباده لو اشتغل الإنسان بعدها، لم يقدر على حصرها، ولو اجتهد في ذلك؛ لكثرتها وتنوعها.
والمقصود بالعد حصر المعدود، والوصول إلى نهايته، وهذا الذي لا يمكن، وهو الذي تنفيه الآية الكريمة.
جاء في غرائب التفسير للكرماني: والإحصاء: بلوغ نهاية عدد الشيء. اهـ.
قال ابن عطية: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها. أي إن حاولتم إحصاءها، وحصرها عددا، حتى لا يشذ شيء منها، لم تقدروا على ذلك، ولا اتفق لكم إحصاؤها إذ هي في كل دقيقة من أحوالكم. اهـ.
أما مجرد العد فيمكن للإنسان أن يعد منها ما شاء، ولكنه لا يصل إلى حصرها ونهايتها، ولذلك يذكر العباد عددا من نعم الله عليهم، وانظر كتب التفسير.
جاء في تفسير الخازن: نعم الله على العبد فيما خلق الله فيه من صحة البدن، وعافية الجسم، وإعطاء النظر الصحيح، والعقل السليم، والسمع الذي يفهم به الأشياء، وبطش اليدين، وسعي الرجلين، إلى غير ذلك مما أنعم به عليه في نفسه، وفيما أنعم به عليه مما خلق له من جميع ما يحتاج إليه من أمر الدين، والدنيا لا تحصى حتى لو رام أحد معرفة أدنى نعمة من هذه النعم، لعجز عن معرفتها، وحصرها فكيف بنعمه العظام التي لا يمكن الوصول إلى حصرها لجميع الخلق، فذلك قوله تعالى: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. يعني ولو اجتهدتم في ذلك، وأتعبتم نفوسكم، لا تقدرون عليه. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 70399.
ولذلك، فلا حرج في قول العبد: نعم الله لا تعد، ولا تحصى، وقد وردت هذه العبارة، على لسان كثير من أهل العلم، وذكروها في كتبهم.
والله أعلم.