الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
من المهم -قبل الإجابة- أن ننبه إلى أن الشروط التي تضعها الدولة، يجب الالتزام بها؛ لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا.
وعليه، فقد كان على تلك الشركة المذكورة، الالتزام بتوظيف أبناء المنطقة، كما اتفقت مع الدولة، وإن كانت قصرت في ذلك، مع وجود من يصلح للعمل معها منهم، فإنها مخالفة، ولا تجوز مساعدتها فيما تقوم به من تحايل؛ وإن لم تكن قصرت، لكنها لم تجد من يصلح للعمل، فلا مانع من التحايل للحصول على حقها.
وبناء على ما تقدم، فإن الحكم بالنسبة لما حصل منك يترتب على مدى جواز ما قامت به الشركة من تحايل لتستمر في العمل: فإن كان ذلك مشروعا لها -بحكم أنها مظلومة، وتحاول الحصول على حقها بتلك الطريقة- فلا حرج فيما كنت تقوم به أنت من التوقيع نيابة عن أولئك الأشخاص، والمكافأة التي حصلت عليها -جراء ذلك- حلال عليك، وإن كان العكس، فلا تجوز مساعدتها في ذلك؛ لأنه من باب التعاون على الإثم، والله تعالى يقول: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
وفي هذه الحال، فإذا كنت لا تعلم بالتحريم، فإن لك أن تنتفع بما أخذته من الشركة، وإن كنت عالما بالتحريم، فإنك تكون ملزما -مع التوبة- برد ما أخذت من مكافأة، لكنك لا ترده للشركة؛ لأنها قد استوفت مقابله منك، بل تتصدق به على الفقراء والمحتاجين، أو تدفعه لإحدى المنظمات الخيرية لتبذله في مصالح المسلمين.
جاء في المستدرك على فتاوى ابن تيمية، جمع ابن قاسم: ومن كسب مالاً حرامًا برضاء الدافع، ثم تاب: كثمن خمر، ومهر البغي، وحلوان الكاهن. فالذي يتلخص من كلام أبي العباس: أن القابض إذا لم يعلم التحريم، ثم علم، جاز له أكله. وإن علم التحريم أولا، ثم تاب، فإنه يتصدق به. كما نص عليه أحمد في حامل الخمر: وللفقير أكله. اهـ.
وانظر الفتويين: 110625 -161925
والله أعلم.