الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الجماع قد حصل قبل علم المرأة بأنها حائض، فلا إثم عليهما، ولا كفارة؛ لقول الله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}. وقال الله في جوابها: قد فعلت. ولقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:5}. وهذا قول الجماهير، خلافا للحنابلة في وجه.
قال ابن قدامة: وهل تجب الكفارة على الجاهل والناسي؟ على وجهين:
أَحَدُهُمَا، تَجِبُ؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ تَجِبُ بِالْوَطْءِ، أَشْبَهَتْ كَفَّارَةَ الْوَطْءِ فِي الصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ.
وَالثَّانِي، لَا تَجِبُ؛ لِقَوْلِهِ-عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ». وَلِأَنَّهَا تَجِبُ لِمَحْوِ الْمَأْثَمِ، فَلَا تَجِبُ مَعَ النِّسْيَانِ، كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ وَطِئَ طَاهِرًا، فَحَاضَتْ فِي أَثْنَاءِ وَطْئِهِ، لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. انتهى.
وبما ذكرناه يتبين أنه لا شيء على هذه المرأة، ولا على زوجها ما دامت إنما تبينت الحيض بعد الوطء.
وقولك: (علما أن الدورة العادية لديها هي 26 يوما) لعل المقصود أن مدة الطهر بعد انتهاء الدورة 26 يوما، وإلا فإن الدم إذا زاد على خمسة عشر يوما، كان استحاضة، ولم يكن حيضا، والمستحاضة يجوز للزوج أن يجامعها.
والله أعلم.