الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قل من يتكلم عن أعمار أمهات المؤمنين أيام زواجهن، ولكنه بالنظر إلى تواريخ وفياتهن وما ذكر في أعمارهن يمكن أن يستنتج تحديد تقريبي لأعمارهن أيام زواجهن وقد لا يخلو ذلك من خلاف، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد وعمرها أربعون سنة، كما هو قول كثير من أهل السير، وفي البيهقي والحاكم أن عمرها كان خمسا وثلاثين، وقال ابن كثير في السيرة: قال الزهري: وكان عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تزوج خديجة إحدى وعشرين سنة، وقيل خمسا وعشرين سنة، زمان بنيت الكعبة، وقال الواقدي وزاد: ولها خمس وأربعون سنة ـ
وقال آخرون من أهل العلم: كان عمره عليه السلام يومئذ ثلاثين سنة ـ وعن حكيم بن حزام قال: كان عمر رسول الله يوم تزوج خديجة خمسا وعشرين سنة، وعمرها أربعون سنة، وعن ابن عباس كان عمرها ثمانيا وعشرين سنة. رواهما ابن عساكر. اهـ.
ثم تزوج سودة بنت زمعة، وعمرها في حدود ست وستين، كما قال أبو زهرة في كتابه خاتم النبيين: تزوج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من بعدها قبل الهجرة سودة بنت زمعة، وكانت نحو سن خديجة، أي في ست وستين من عمرها. اهـ.
ثم تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق، وعمرها ست سنوات، وبنى بها في شوال في السنة الأولى من الهجرة وعمرها تسع سنوات، ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب، وعمرها إحدى وعشرون سنة، فقد تزوجها في السنة الثالثة للهجرة، وذكر أهل السيرة أنها توفيت عام خمس وأربعين عن ثلاث وستين سنة، قال أحمد غلوش في كتابه السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني ص: 127 ـ تزوج حفصة في السنة الثالثة، توفيت حفصة رضي الله عنها سنة خمس وأربعين من الهجرة في خلافة معاوية، وصلى عليها مروان بن الحكم، ودفنت بالبقيع وعمرها ثلاث وستون سنة. اهـ.
ثم تزوج زينب بنت خزيمة، وهي في حدود الثلاثين من عمرها زمن دخوله بها، كما قال غلوش في كتابه السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني: وكان دخوله صلى الله عليه وسلم بها في رمضان من السنة الرابعة من الهجرة, وقد توفيت بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمانية أشهر، ودفنت بالبقيع، ولم يمت من أزواجه صلى الله عليه وسلم في حياته إلا هي وخديجة ـ رضي الله عنهما ـ وكان عمر زينب يوم وفاتها ثلاثين عامًا. اهـ.
ثم تزوج أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة، وكان زواجه صلى الله عليه وسلم بها في شهر شوال من السنة الرابعة من الهجرة في حدود السابعة والعشرين من عمرها، فقد جاء في سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي:1ـ459ـ توفيت أم سلمة في خلافة يزيد بن معاوية سنة إحدى وستين على الصحيح، واستخلف يزيد سنة ستين بعد ما جاءها الخبر بقتل الحسين بن علي ـ رضي الله عنه ـ ولها من العمر أربع وثمانون سنة على الصواب. اهـ.
ثم تزوج زينب بنت جحش، وعمرها في حدود الثامنة والثلاثين من عمرها؛ كما في تاريخ الطبري: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لهلال ذي القعدة سنة خمس من الهجرة..... قال: حدثنا عمر بن عثمان الجحشي عن إبراهيم بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سئلت أم عكاشة بن محصن: كم بلغت زينب ابنه جحش يوم توفيت؟ فقالت: قدمنا المدينة للهجرة، وهي بنت بضع وثلاثين، وتوفيت سنه عشرين، قال عمر بن عثمان: كان أبي يقول: توفيت زينب بنت جحش، وهي ابنة ثلاث وخمسين. اهـ.
وقال الصلابي في كتابه: السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث: ص: 636ـ كان زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب في السنة الخامسة على المشهور..... وقد توفيت زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ سنة عشرين من الهجرة وعمرها ثلاث وخمسون سنة. اهـ.
ثم تزوج جويرية بنت الحارث، سنة ست وعمرها في حدود الخامسة عشر، فقد توفيت سنة ست وخمسين عن عمر يناهز خمسا وستين سنة، كما قال ابن حبان في السيرة النبوية وأخبار الخلفاء: توفيت جويرية بالمدينة سنة ست وخمسين من الهجرة، وصلى عليها والي المدينة مروان بن الحكم، ودفنت بالبقيع، وكان عمرها يوم وفاتها خمسًا وستين سنة. اهـ.
ثم تزوج أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن صخر، وعمرها في حدود الثانية والأربعين من العمر، فقد ذكر أنها ولدت قبل الهجرة بخمس وثلاثين سنة.
ثم تزوج صفية بنت حيي بن أخطب، سيد بني النضير، وكانت لم تبلغ سبع عشرة سنة، كما قال ابن سيد الناس في عيون الأثر.
ثم تزوج ميمونة بنت الحارث، في شوال سنة سبع بمكة في عمرة القضاء بعدما أحل، وبنى بها بسرف حيث تزوج بها، وكان عمرها آنذاك في حدود السادسة أو السابعة والعشرين، وقد ماتت سنة إحدى وستين في خلافة يزيد بن معاوية، وقد بلغت ثمانين سنة، وهي آخر من تزوج صلى الله عليه وسلم، فقد قال ابن عمر: قال ابن عمر: توفيت ميمونة رضي الله عنها سنة إحدى وستين، وهي آخر من مات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لها يوم توفيت ثمانون أو إحدى وثمانون سنة على كبر سنها جلدة. رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
والله أعلم.