الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتعمد نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية، محرم، سواء كانت النظرة الأولى أم الثانية.
وأما النظرة المعفو عنها، فهي نظرة الفجأة، وهي أن يقع النظر على امرأة دون قصد منه؛ بشرط أن يصرف بصره، ولا ينظر إليها ثانية، فإن واصل النظر إليها، أو صرفه ثم أعاده مرة ثانية، فقد وقع في الحرام، كما جاء في صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري.
ولم يفهم أحد من العلماء، ولم يقل أحد من العقلاء: إن المراد من هذا الحديث جواز استدامة النظرة الأولى، والتمعن في المنظور، أو قصدها، قال النووي عند شرحه لهذا الحديث: ومعنى الفجأة: أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد، فلا إثم عليه في أول ذلك، ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال، فإن صرف في الحال، فلا إثم عليه، وإن استدام النظر، أثم لهذا الحديث، فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصرف بصره مع قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]. انتهى.
وهذا الحديث يوضح الحديث الآخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة. رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود.
فالنظرة الأولى هي نظرة الفجاءة، التي أمر بصرف البصر عند حصولها.
ولا شك أن إطلاق البصر إلى ما حرم الله تعالى، يورث عمى القلب، وضعف البصيرة، والوقوع في الرذيلة، وفساد المجتمع، وغير ذلك من المفاسد، فالواجب على الرجل والمرأة غض البصر عما حرم الله.
والله أعلم.