الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على العفاف، واجتنابك ما كان محرما أو فيه شبهة من أسباب الرزق، فهذا من شأن أهل الإيمان، ثبتك الله على الحق وزادك خيرا وتقى وصلاحا، ويسرك لك الزواج من امرأة صالحة تعينك، وأفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه هو أداء ما افترض عليه، كما جاء في الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. الحديث رواه البخاري.
وما زاد على فرض العين فهو خير، وإذا حصل المكلف فرض العين وكان بحاجة إلى الزواج، أو كانت نفسه تتوق إليه فإن الأولى أن يقدم السعي لتحصيل ما يلزم للزواج، وربما وجب ذلك إذا كان يخاف من الفتنة والوقوع في الحرام، والزواج من الخير الذي ينبغي المسارعة إليه قدر الإمكان، قال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة:148}.
والسعي لتحصيل الرزق المباح مطلوب شرعا ومرغوب طبعا، ولا يتنافى مع ذكر الله تعالى وعبادته، قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15}.
وقال تعالى: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ {المزمل:20}.
قال النسفي: سوَّى سبحانه وتعالى في هذه الآية بين درجة المجاهد والمكتسب، لأن كسب الحلال جهاد. اهـ.
وعلى ذلك، فإذا حصلت فرض العين، فالأولى لك أن تسعى لتحصيل ما تعف به نفسك، فذلك من العبادة إذا صلحت النية وقصد به الإعفاف عن الحرام، فسدد وقارب وأبشر.
والله أعلم.