الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فكتاب الكافي يعتبر من الكتب المؤلفة على مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله تعالى- في كتابه: المدخل، عن هذا الكتاب: وأما "الكافي" فهو المتن الثالث للموفق ابن قدامة، المتوفى سنة (620 هـ) - رحمه الله تعالى- ألفه لمن فوق المتوسطين من الطلبة؛ ولهذا لما بناه مؤلفه -رحمه الله تعالى- على رواية واحدة، ذكر في مواضع تعدد الرواية، وذكر كثيرا من الأدلة؛ ليسمو بالطلبة إلى الاجتهاد في المذهب، بل إلى ما قام عليه الدليل من المذهب، وقد تميز هذا المتن من بين سائر متون المذهب بسهولة اللفظ، ووضوح المعنى، ولعله لهذا لم يتجه أحد من الأصحاب لشرحه، وإنما اكتفوا بنظمه، واختصاره، وتخريج أحاديثه، والتحشية عليه.. اهــ.
وكثيرا ما يستظهر إحدى الروايتين إذا ذكرهما، فيقول مثلا: فيه روايتان أظهرهما كذا، والثانية كذا .. ، ولكنه لا يحكي الخلاف العالي بين المذاهب الفقهية الأخرى.
وأما كتاب المغني، فهو من الكتب المطولة للحنابلة، وهو في الأصل شرح لأحد كتب الحنابلة، وهو مختصر الخرقي -رحمه الله تعالى-، إلا أن ابن قدامة ذكر في الشرح الخلاف العالي بين الفقهاء، ويذكر أقوال كبارهم كمالك، وأبي حنيفة، والشافعي، والأوزاعي، والثوري.
قال الشيخ بكر أبو زيد في المدخل عنه: المغني في شرح الخرقي. وفيه الدليل، والخلاف العالي، والخلاف في المذهب، وعلل الأحكام، ومآخذ الخلاف، وثمرته؛ ليفتح للمتفقه باب الاجتهاد في الفقهيات. اهــ.
وقال أيضا عنه: أجمع كتاب ألف في المذهب لمذاهب علماء الأمصار، ومسائل الإجماع، وأدلة الخلاف، والوفاق، ومآخذ الأقوال والأحكام، والتتبع لثمرة الخلاف في تكييف الأحكام، فلا يستغني عنه المتفقه، ولا المحدث، ولا الراغب في فقه السلف من الصحابة، والتابعين فمن بعدهم، ولا جرم صار أحد كتب الإسلام، وحرص على تحصيله علماء الأمصار في كافة الأعصار. اهــ.
والله أعلم.