الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا بد للحكم مثل هذه الأحوال من معرفة الواقع معرفة مفصلة، فلا يكفي معرفة الأحكام الشرعية مع الجهل بمواقع تنزيلها، حتى يجمع بين العلمين: العلم بالشرع، والعلم بالواقع، وهذه هي الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا.
قال ابن القيم في (إعلام الموقعين): وهذه الحكمة لا يدريها إلا من له اطلاع على الواجب، والواقع، وله فقه في الشرع، والقدر. اهـ.
وقال في (بدائع الفوائد) وفي (الطرق الحكمية): الحاكم إذا لم يكن فقيه النفس في الأمارات، ودلائل الحال كفقهه في كليات الأحكام ضيع الحقوق، فهاهنا فقهان لا بد للحاكم منهما: فقه في أحكام الحوادث الكلية. وفقه في الوقائع وأحوال الناس، يميز به بين الصادق والكاذب، والمحق والمبطل، ثم يطبق بين هذا وهذا، بين الواقع والواجب، فيعطي الواقع حكمه من الواجب. اهـ.
ولذلك فإننا دائما ما نقرر أن الرجوع في مثل هذه المسائل يكون لأهل العلم في كل بلد؛ لأنهم أعرف بواقع بلدهم وأخبر بمجريات الأمور عندهم.
والله أعلم.