الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما جاء في دعاء سيد الاستغفار من دخول الجنة في قوله صلى الله عليه وسلم: وَمَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ... الحديث متفق عليه، وما جاء في حديث: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، متفق عليه، وفي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا {الكهف:107}.
وما جاء من ورود الناس جميعا النار في الآية الكريمة: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا {مريم:71}، قد جمع العلماء بينها بأن المؤمنين إذا وَرَدُوا جهنم تكون عليهم بردا وسلاما، كما كانت على إبراهيم، وقال بعضهم: الورود هنا هو المرور على الصراط المنصوب على متن جهنم فيمر عليه الناس جميعا.
وقد رجح العلامة محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في تفسير أضواء البيان: أن الورود المذكور في الآية هو الدخول، وأن جميع الناس يدخلونها، وتكون على المؤمنين بردا وسلاما... وانظر الفتوى رقم: 159227.
وأما النصوص الدالة على الحساب وعذاب القبر فلا تعارض بينها وبين ما جاء في النصوص الدالة على دخول أهل الإيمان الجنة؛ لأن الحساب يكون على الأعمال، ومن استحق العذاب من عصاة المؤمنين فإما أن يعفو الله عنه ويدخله الجنة، أو يعذبه بحسب ذنوبه ثم يدخله الجنة، فالمؤمن مآله الجنة في النهاية وإن عذب في قبره أو في النار.
والله أعلم.