الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم وجها لهذه الفتوى التي نقلتها في السؤال، فإن الأصل أن عقد الزوجية قائم، ومجرد غياب الزوج, وإن طال لا يقتضي طلاق زوجته، لكن من حيث العموم: فإن غيبة الرجل من امرأته لا تخلو من حالين:
الأولى: أن تكون غيبته غيبة غير منقطعة، يعرف خبره، ويمكن الاتصال به، فهذا ليس لامرأته أن تتزوج بإجماع أهل العلم، لكن إن تضررت بغيبته, فلها أن تطلب من القاضي - أو من يقوم مقامه إن تعذر الوصول إليه - فسخ النكاح، فيفسخ نكاحه. وراجعي في هذا الفتوى رقم: 131712.
الثانية: أن يفقد الزوج, وينقطع خبره، ولا يعلم له موضع، فهنا ذهب أكثر العلماء إلى أن المرأة تنتظر أربع سنين من حين غيبته، ثم تعتد للوفاة، ثم لها أن تنكح، قال المروزي: واخْتَلَفُوْا فِي امرأة المفقود كم تتربص؟ فقَالَ مَالِكٌ, وأَهْل الْمَدِيْنَة, وأَحْمَد, وإِسْحَاق, وأَبُوْ عُبَيْدٍ: تتربص امرأة المفقود أربع سنين, ثُمَّ تتزوج. ورووا ذَلِكَ عَن عُمَر بْن الخطاب, وعثمان، وعلي بن أبي طالب، وابن عُمَر, وابن عَبَّاس -رضي الله عنهم-. وقَالَ سُفْيَانُ، وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا فقد الرَّجُل تربصت امرأته حَتَّى تعلم موته وهَذَا أحد قولي الشَّافِعِيّ. ورووا ذَلِكَ عَن علي بْن أبي طالب.اهـ. وراجع لمزيد بيان الفتوى رقم: 12338.
وبعد هذا: فإن قضية مثل هذه ذات خطر لا يسوغ فيها الاعتماد على فتوى عابرة، فعليك برفع أمرك إلى القضاء الشرعي، أو إلى جهة شرعية إن لم يوجد قضاء شرعي، لتحكم في أمرك بعد الاطلاع على تفاصيل القضية.
والله أعلم.