الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح مسلم عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
ومن النصيحة لعامة المسلمين مراعاة ما هو أنسب لهم وأصلح.يقول النووي: وَأَمَّا نَصِيحَة عَامَّة الْمُسْلِمِينَ ـ وَهُمْ مَنْ عَدَا وُلَاة الْأَمْر ـ فَإِرْشَادهمْ لِمَصَالِحِهِمْ فِي آخِرَتهمْ وَدُنْيَاهُمْ, وَكَفّ الْأَذَى عَنْهُمْ فَيُعَلِّمهُمْ مَا يَجْهَلُونَهُ مِنْ دِينهمْ, وَيُعِينهُمْ عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْل, وَسِتْر عَوْرَاتهمْ, وَسَدّ خَلَّاتهمْ, وَدَفْع الْمَضَارّ عَنْهُمْ, وَجَلْب الْمَنَافِع لَهُمْ, وَأَمْرهمْ بِالْمَعْرُوفِ, وَنَهْيهمْ عَنْ الْمُنْكَر بِرِفْقٍ وَإِخْلَاصٍ, وَالشَّفَقَة عَلَيْهِمْ, وَتَوْقِير كَبِيرهمْ, وَرَحْمَة صَغِيرهمْ, وَتَخَوُّلهمْ بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة, وَتَرْك غِشِّهِمْ وَحَسَدِهِمْ, وَأَنْ يُحِبَّ لَهُمْ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنْ الْخَيْر, وَيَكْرَه لَهُمْ مَا يَكْرَه لِنَفْسِهِ مِنْ الْمَكْرُوه, وَالذَّبّ عَنْ أَمْوَالهمْ وَأَعْرَاضهمْ, وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالهمْ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْل, وَحَثّهمْ عَلَى التَّخَلُّق بِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنْوَاع النَّصِيحَة, وَتَنْشِيط هَمِّهِمْ إِلَى الطَّاعَات، وَقَدْ كَانَ فِي السَّلَف رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ مَنْ تَبْلُغ بِهِ النَّصِيحَة إِلَى الْإِضْرَار بِدُنْيَاهُ. ا.هـ
وعلى هذا ، فإن عيَّن العميل دواء فلا يجوز دفعه عنه وصده لاختيار غيره بالكذب أو التدليس؛ لمنافاة ذلك للنصح المطلوب لعامة المسلمين، ولدخوله في الغش المحرم، وإنما يجوز العمل على تغيير رأيه بشرط التزام الصدق وعدم الغش والتدليس وغير ذلك من أشكال الخداع، وقد قال صلى الله عليه وسلم عن البيّعين: فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. متفق عليه.
وإن لم يعين العميل دواء بعينه فلا حرج على الصيدلي في أن يبيع عليه الدواء المربح، شريطة أن يكون موائما لحاجته. وبشأن أرباح الأدوية المباعة والتي تمثل جزءا من الراتب راجع فتوانا رقم: 258328، وإحالاتها.
والله أعلم.