الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجدة بمنزلة الأم، بل هي أم، لها الحق في البر بها، كما للأم التي ولدته، فإذا لم يكن لجدته مسوغ شرعي في رفضها زواجه منك، فليجتهد في سبيل إقناعها، وليستعن بالله أولا، ثم ليشفع إليها بمن يرجو أن يكون قولهم مقبولًا عندها، فلعلها توافق، ويزول الإشكال من أصله. ولو أنها أصرت على الرفض فقد سبق لنا بيان حكم الإقدام على الزواج مع معارضة الوالدين، وذلك في الفتوى رقم: 93194. ونرجو أن لا يلحقه شيء من تبعة غضبها عليه في حال كون تمسكه بحقه مشروعًا رغم معارضتها.
ولو أنه ارتضى أن يبرها على كل حال، ويترك الزواج منك، فلا تأسفي على ذلك، فإنك لا تدرين أين الخير، ففوضي أمرك إلى الله، وسليه أن يرزقك زوجًا صالحًا، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
سئل الشيخ/ ابن باز -رحمه الله-: أريد الزواج من إحدى الأسر، لكن جدي منع أولاده وبناته من الزواج من هؤلاء بحجة وجود خلافاتٍ قديمة، ما حكم الشرع في ذلك؟
فأجاب: الأولى لك أن تدعهم؛ لأن الجد أب، وبره مطلوب, ولعل في ذلك خيرا للجميع، فالناس كثير، والنساء كثير -والحمد لله-، فالمشروع لك والأفضل لك فيما أرى: التماس جماعةً آخرين غير الجماعة التي لا يرضاها جدك؛ لأسبابٍ أشرت إليها، أما تحريم ذلك: فهو محل نظر، لكن كونك تتركهم وتراعي خاطر جدك؛ لأنه أب، الجد أب، والبر واجب، ولعل في تركهم مصلحة بينة للجميع، فهذا لعله أحوط وأولى -إن شاء الله-. انتهى.
وننبه إلى أن كون المرأة أكبر سنا من الرجل، أو كونها قد سبق لها الزواج، ليس بمانع شرعًا من الزواج منها، فقد تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- خديجة -رضي الله عنها- وهي أكبر منه سنا، وأغلب من تزوج منهن من أمهات المؤمنين قد سبق لهن الزواج من غيره.
والله أعلم.