الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن مذهب الأشاعرة هو أقرب مذاهب المتكلمين إلى مذهب السلف وأهل الحديث، ولتنظر الفتوى رقم: 146197، وإذا عرف الشخص مواضع الانحراف عند الأشاعرة، كانحرافهم في مسائل الصفات والقدر، وأمكنه الاحتراز من هذه الأخطاء، فلا حرج عليه في أن يقرأ أو يستمع لمن ينتسب إلى هذا المذهب، ويستفيد مما عنده من الخير. وليس من شرط من يستفاد منه ألا يكون يخطئ، وإلا لتعذرت الاستفادة من كثير من علماء الأمة؛ قال الذهبي -رحمه الله- في ترجمة القفال الشاشي: قَالَ أَبُو الحَسَنِ الصَّفَّارُ: سَمِعْتُ أَبا سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَسُئِلَ عَنْ تَفْسِيْرِ أَبِي بَكْرٍ القفَّال فَقَالَ: قدَّسَه مِنْ وجهٍ، ودَنّسَه مِنْ وَجْهٍ. أَي: دَنَّسه مِنْ جهَةِ نَصْرِهِ للاعتزَالِ. قُلْتُ: قَدْ مَرَّ مَوْتُهُ, والكمال عزيز, وإنما يمدح العالم بكثرة ما له مِنَ الفضَائِلِ, فَلاَ تُدفنُ المَحَاسِنُ لورطَةٍ، ولعلَّه رَجعَ عَنْهَا, وَقَدْ يُغفرُ لَهُ بِاسْتفرَاغِهِ الوسْعَ فِي طلبِ الحَقِّ, وَلاَ قوَّةَ إلَّا بِاللهِ. وقال في ترجمة أبي حامد الغزالي: قُلْتُ: الغَزَّالِي إِمَامٌ كَبِيْر، وَمَا مِنْ شَرطِ العَالِم أَنَّهُ لاَ يُخطِئ. وكلامه رحمه الله، وكلام غيره من الأئمة في هذا المعنى كثير جدا.
والحاصل: أنه لا تمتنع الاستفادة ممن كان عنده خير إذا وقع في بعض الأخطاء، ما دام تجنب أخطائه ممكنًا. والله أعلم.