الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما سألت عنه من جمع طرق الحديث هو ما يعرف عند العلماء بطرق تخريج الحديث، وهي: سبل الدلالة على إسناد الحديث، ومتنه، وموضعه في مصادره.
وقد ذكر الباحث الشيخ عليُّ بنُ نايفَ الشَّحُّودَ في كتابه: (المفَصَّلُ في أصولِ التخريجِ ودراسةُ الأسانيدِ) تفصيل ما سألت عنه، ونحن نجمل لك ما ذكر بتصرف، حيث ذكر -وفقه الله- أن هناك عدة طرق اصطلح عليها العلماء لتخريج الحديث، وهي إجمالًا خمسة طرق:
الطريقة الأولى: تخريجُ الحديث عن طريق أول لفظة من مَتن الحديث، والمصادر المستخدمة في هذه الطريقة ثلاثة أنواع:
أ- كتب المجاميع؛ كالجامع الكبير والصغير للسيوطي.
ب- كتب الأحاديث المشتهرة على الألسنة؛ كالتذكرة في الأحاديث المشتهرة، للزركشي، واللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة لابن حجر، والمقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة للسخاوي.
ج- المفاتيح والفهارس العلمية لكتب السنة، والمقصود بها: الفهارس والكشافات الحديثة التي صُنعت في أواخر الكتب المحققة أو التي أُفردت بالتصنيف، فكثيرٌ من محققي كتب السنّة يعتنون بصنع فهارس على أطراف الأحاديث في تلك الكتب، وبعضها أعمال جيدة متقنة، وبعضها يعتريه النقص، وعلى كلِّ حال فهي مهمةٌ ومُعينةٌ في التخريج، ولعل من أوسع الفهارس المهمة كتاب (موسوعة أطراف الحديث النبوي) لأبي هاجر محمد السعيد بسيوني زغلول، وميزة هذا الكتاب: أنه جمع بين مائة وخمسين كتابا، وخرج له ذيلٌ أيضا، والكتاب غير دقيق، ولكنه مفيد ونافع في الإعانة على الوقوف على الحديث، ولا يُستغنى عنه؛ لأنه ينفع كثيرًا.
الطريقة الثانية: تخريج الحديث عن طريق معرفة الراوي الأعلى للحديث، والمصادر المستخدمة في هذه الطريقة على نوعين:
1 ـ المصادر الأصلية؛ وتشمل: أ ـ المسانيد، وأهمها: مسند الإمام أحمد بن حنبل، ومسند الحميدي، ومسند أبي يعلى، ومسند البزار، وجامع المسانيد والسنن لابن كثير. ب ـ المعاجم، وأهمها المعجم الكبير للطبراني. 2 ـ المصادر الفرعية؛ وتشمل: أ ـ كتب الأطراف، وهي كثيرة، من أهمها: كتاب "تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف" للحافظ المِزِّيّ، وكتاب: "إتحاف المهرة بأطراف العشرة" للحافظ ابن حجر. ب ـ كتب المجاميع (الجوامع)، وأشهر الجوامع هي: الجامع الصحيح للبخاري، الجامع الصحيح لمسلم، جامع عبد الرزاق، جامع الثوريّ، جامع ابن عيينة، جامع معمر، جامع الترمذي، وغيرها. ومنها المستخرجات والمستدركات؛ كمستدرك الحاكم، ومنها المجاميع، مثل: " جامع الأصول من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - " لابن الأثير، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي.
الطريقة الثالثة: استخراج الحديث من خلال النظر في المتن، وأشهر ما يخدم هذه الطريقة: كتاب (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي)، وكتاب (مفتاح كنوز السنّة).
الطريقة الرابعة: استخراج الحديث من خلال الاستعراض والجَرْد لكتب السنّة؛ وذلك بأن تأخذ الكتاب من أوله إلى آخره قراءةً حتى تستخرج الحديث، وهذه الطريقة هي الطريقة التي كان يسير عليها الحُفّاظ، والعلماء والمُخرجون الأوّلون في عصر ما قبل الطباعة.
الطريقة الخامسة: استخراج الحديث من خلال الحاسب الآلي(الكمبيوتر): وقد عملت برامج كثيرة للسنة النبوية، من برامج دار التراث، والعريس، والمكتبة الشاملة، وحرف، وهي خيرها وأدقها.
فهذا ما ذكره مختصرًا، والطريقة الخامسة لا شك أنها أسهل الطرق لتخريج الحديث، والبحث عنه، خصوصًا للمبتدئ، وغير المتخصص في هذا العلم.
وإذا أردنا اختصار هذه الكتب للبحث عن حديث ما، فإن الغالب وجوده في واحد من هذه الثلاثة: " تحفة الأشراف "، و" إتحاف المهرة "، و"جامع المسانيد".
والله أعلم.