الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا اتفق أهل المسجد على وقتٍ محدد لإقامة الصلاة، أو حددته الجهة المفوَّضة ـ كناظر الوقف أو الإمام الراتب ـ فصلاً في النزاع بين الناس، فينبغي مراعاته، وعليه فلا ينبغي الافتيات على الجهة المفوَّضة، ولا على أهل المسجد إن اتفقوا وتراضَوا على موعدٍ معين لإقامة الصلاة، ومخالفة ذلك تشويش على الناس وتفضي إلى النزاع والتشاحن والفوضى، وقد نص فقهاء الحنابلة على حرمة إقامة الصلاة من غير إذن الإمام الراتب، قال صاحب "الكشاف" الحنبلي: (ويحرُم أن يَؤُمَّ في مسجدٍ قَبْل إمامِه الراتب إلا بإذنه)؛ لأنه بمنزلة صاحب البيت وهو أحق بها لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَؤُمَنَّ الرجلُ الرجلَ في بيته إلا بإذنه»، ولأنه يؤدي إلى التنفير عنه وتبطل فائدة اختصاصه بالتقدم، ومع الإذن له هو نائبٌ عنه، و (لا) يحرم أن يَؤم (بعده) أي بعد إمامه الراتب؛ لأنه استوفى حَقَّه، فلا افتياتَ عليه... (فإنْ فعل) أي: أمَّ في المسجد قَبْل إمامه الراتب بلا إذنه (لم تصحَّ في ظاهر كلامهم) قاله في الفروع والمبدع، ومعناه في التنقيح، وقطع به في المنتهى... (إلا أن يتأخر) الراتب (لعذر، أو لم يُظَنَّ حضورُه، أو ظُنَّ) حضورُه (ولكن لا يَكرَه) بفتح الياء ـ أي الإمامُ ـ (ذلك) أي أن يصليَ غيُره مع غَيبته (أو ضاق الوقت، فيُصَلُّون)؛ «لصلاة أبي بكر بالناس حين غاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم». انتهى.
والله أعلم.