الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإكراه المعتبر الذي يمنع نفوذ الطلاق له شروط لا يتحقق بدونها، قال المرداوي الحنبلي -رحمه الله-: "يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ -بِكَسْرِ الرَّاءِ- قَادِرًا بِسُلْطَانٍ أَوْ تَغَلُّبٍ، كَاللِّصِّ، وَنَحْوِهِ. الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ، إنْ لَمْ يُجِبْهُ إلَى مَا طَلَبَهُ، مَعَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ وَهَرَبِهِ وَاخْتِفَائِهِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا، كَالْقَتْلِ، وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ" الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 440).
وعليه؛ فالذي يظهر لنا -والله أعلم- أن ما حصل من تهديد زوجتك لك ليس من الإكراه المعتبر، لأنّ إبلاغ المرأة عنه لا يترتب عليه بالضرورة فصلك من العمل، وعلى فرض فصلك من العمل فقد تجد عملًا آخر فلا يكون عليك ضرر حقيقي، وعليه؛ فيكون طلاقك نافذًا، إلا إذا غلب على ظنّك أنّ إبلاغها عنك سيؤدي حتمًا إلى فصلك من العمل، وأنّك إذا فصلت من العمل لن تجد عملًا آخر تتكسب منه، ففي هذه الحال يمكن اعتبارك مكرهًا فلا ينفذ طلاقك.
والله أعلم.