الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك طلقك ثلاث تطليقات فقد بنت منه بينونة كبرى؛ فلا يملك رجعتك إلا إذا تزوجت زوجًا غيره -زواج رغبة لا زواج تحليل- ثم يطلقك الزوج الجديد بعد الدخول أو يموت عنك، وتنقضي عدتك منه، وكونه كان غاضبًا حال التلفظ بالطلقة الثانية والثالثة، لا يمنع نفوذ الطلقتين ما دام تلفظ به في كل منهما مدركًا غير مغلوبٍ على عقله، قال الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-: "وَ يَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ كُفْرٍ، وَقَتْلِ نَفْسٍ، وَأَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَطَلَاقٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ"
وإلحاحك عليه في طلب الطلاق، وما قمت به من الضرب والتهديد حتى يطلقك، كل ذلك لا يمنع نفوذ طلاقه، ما دام طلق مدركًا مختارًا، أما إذا كان تلفظ بالطلاق مغلوبًا على عقله أو مكرهًا قد غلب على ظنّه أنّه إذا لم يطلقك قتلت نفسك أو قتلتيه أو شيئًا نحو ذلك، ففي هذه الحال لا يقع طلاقه، كما بينّا ذلك في الفتوى رقم: 167851.
وما دام في المسألة تفصيل واحتمال، فالذي ننصح به: أن تعرضوا المسألة على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم.
وننصحك بتقوى الله، ومعاشرة زوجك بالمعروف، والحذر من سؤاله الطلاق دون مسوّغ.
والله أعلم.