الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يباح للمرأة طلب الخلع لغير مسوغ، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ. (رواه الترمذي)، وليس لها في هذه الحالة الإصرار على الخلع ورفض البقاء في عصمة زوجها، وإذا أصرت على الرفض فهي ناشز، فلزوجها الحق في تأديبها.
وإذا طلبت الخلع لسبب مشروع، كإضرار الزوج بها أو كونها مبغضة لزوجها وتخشى ألا تؤدي حقّه؛ فلا حرج عليها في طلب الخلع، ويستحب للزوج إجابتها إليه, قال ابن قدامة الحنبلي ـ رحمه الله ـ: وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها، لخلقه، أو خلقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه؛ لقول الله تعالى {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229]. المغني لابن قدامة (7/ 323).
ولكن ليس على الزوجة في هذه الحالة الرضا بالبقاء في عصمة الزوج، فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليزيل عنها الضرر؛ لأنها بالخلع تريد أن تتخلص من ضرره، وهو المقصد الذي من أجله شرع الخلع، قال المرداوي في الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله فالمرأة في ذلك كالزوج فتتخلص منه بالخلع ونحوه. اهـ.
ولا يلزم المختلعة أن تذكر للزوج مسوّغات طلبها الخلع، إذ لا دليل يلزمها بذلك، ولأنه قد يكون الحامل على الخلع مجرد بغضها له، ولم نجد في كلام أهل العلم من يقول بأنها يلزمها إخباره بالسبب الحامل لها على ذلك.
والله أعلم.