الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول الراجح: أن مريم -عليها السلام- امرأة صالحة من خير نساء العالمين، وهي صديقة وليست نبية؛ فالنبوة خاصة بالرجال، ولم يبعث الله نبيًّا من غيرهم، والدليل: قول الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ {يوسف:109}، ومعلوم أن الاستثناء بعد النفي يدل على الحصر كما قال أهل اللغة، قال الشوكاني -معلقًا على الآية-: وتدل الآية على أن الله لم يبعث نبيًّا من النساء ولا من الجن، وهذا يرد على من قال: إن في النساء أربع نبيات: حواء، وآسية، وأم موسى، ومريم، وقد كانت بعثة الأنبياء من الرجال أمرًا معروفًا عند العرب، حتى قال قيس بن عاصم في سجاح المتنبئة:
أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها * وأصبحت أنبياء الناس ذكرانــا.
فلعنة الله والأقوام كلهـــم * على سجاح ومن باللوم أغرانا. انتهى من فتح القدير.
وقد وصف الله -عز وجل- مريم -عليها السلام- بالصديقة، ولم يصفها بالنبية، فقال سبحانه: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ {المائدة:75}، ولو كانت نبية لجاء وصفها بذلك بعد وصف ابنها -عليه السلام- بأنه رسول؛ فمرتبة النبوة أعظم وأرفع من مرتبة الصديقية.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 167557، 119757، 16614.
والله أعلم.