الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال لم يكتمل حتى نفهم ما ترمي إليه بشكل واضح.
ولكن نقول -بناء على ما فهمنا من السؤال-: إن الواجب عند جمهور أهل العلم إخراج الكفارة طعامًا لا إعطاء قيمتها، وهو المفتى به عندنا.
ولكن إن كنت أخرجت قيمتها تقليدًا لمن قال بجواز ذلك -مطلقًا كالحنفية، أو بقيد حاجة المسكين للقيمة وهو رأي شيخ الإسلام- فلا حرج، غير أنه عليك إكمال النقص إن كان قد حصل فيها نقص، وكيفية حساب ذلك -حسب المذهب الحنفي-: هو أن تعرف -أولًا- مقدار الإطعام عندهم، وهو: نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير.. ثم ترجع إلى سعر الغالب اقتياته من ذلك، وتخرج من النقود قيمته مضروبة في عشرة بالنسبة للكفارة الواحدة، وهكذا..
وعلى هذا القول: إن كنت أخرجت القيمة الكاملة لكل كفارة -على حسب ما ذكرنا لك آنفًا- فلا شيء عليك، وإن كنت أخرجت أقل فيمكنك تكميلها للمساكين الذين صرفت لهم في المرات السابقة، وإن تعذر ذلك وجب عليك استئناف الكفارة؛ جاء في تبيين الحقائق للزيلعي: ولو فرق على كل مسكين أقل من نصف الصاع من البر أو أقل من صاع من الشعير بأن أعطى القدر الواجب لمسكينين أو أكثر لا يجزيه, وعليه أن يتم لكل مسكين نصف صاع من بر، أو صاعا من تمر، أو شعير. اهـ.
وفي المبسوط: إن أعطى عشرة مساكين كل مسكين مدًّا من حنطة, فعليه أن يعيد عليهم مدًّا مدًّا, وإن لم يقدر عليهم استقبل الطعام. اهـ.
أما على مذهب شيخ الإسلام: فإنه لا يرى تحديدًا للكفارة، بل يرجح أن مقدارها يكون من وسط ما يطعم المرء أهله، وذلك مختلف بحسب عُرْفِ كل بلد، قال في الفتاوى الكبرى: والقول الثاني: أن ذلك مقدر بالعُرف، لا بالشرع؛ فيطعم أهل كل بلد من أوسط ما يطعمون أهليهم قدرًا ونوعًا. وهذا معنى قول مالك... ثم قال: والمنقول عن أكثر الصحابة والتابعين هذا القول، ولهذا كانوا يقولون: الأوسط: خبز ولبن، خبز وسمن، وخبز وتمر. والأعلى: خبز ولحم، وقد بسطنا الآثار عنهم في غير هذا الموضع، وبينا أن هذا القول هو الصواب الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار، وهو قياس مذهب أحمد وأصوله. اهـ.
فعلى مذهبه -ما دمت قد أخرجت قيمة وجبة مشبعة من غالب ما تأكل- فإن ذلك يكفي لإطعام مسكين، فاضربه في 10 على ما تقدم؛ لتعرف التكلفة الإجمالية للكفارة، وتقارنها بما أخرجت.
والله أعلم.