الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الوالدين –كما هو معلوم- عظيم عند الله تعالى، فقد قرن الباري -جل وعلا- الأمر بعبادته وحده لا شريك له بالإحسان إليهما، فقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: 36} وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {الإسراء:23}، وقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
فعليك -أيها السائل الكريم- أن تبتعد عن كل ما قد يسبب غضب أبيك من نقاش، وإياك أن تجادله وتخاصمه وترفع صوتك عليه، فذلك لا يجوز، وإنما ينصح ويذكر بأسلوب هين لين، وحاول قدر استطاعتك أن تكون بارًّا به، هينًا معه، لين الجانب في معاملته، فإن فعلت ذلك وابتعدت عن ما يثيره فلا يضرك شيء، ولا تكون بذلك عاقًّا له؛ فإن من الآباء من يغضب من غير سبب، فأحسن أنت من جانبك، ومتى ما رأيت أن النصح معه لا يفيد فالتزم الصمت، واستعن عليه ببعض العلماء والفضلاء ممن ترجو أن يكون له تأثير عليه.
والله نسأل أن يوفقك لما يرضيه عنك، وأن يصلح حاله ويهدي قلبه، ويشرح صدره.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 182729، 251086.
والله أعلم.