الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31]، جاء في سياق التحدث عن خزنة النار من الملائكة حيث يقول الله: عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ* وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ [المدثر:30-31].
قال القرطبي في قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ. أي وما يدري عدد ملائكة ربك الذين خلقهم لتعذيب أهل النار إلا هو، أي إلا الله جل ثناؤه وهذا جواب لأبي جهل حين قال: أما لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر!
ونقل القرطبي عن ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقسم غنائم حنين، فأتاه جبريل فجلس عنده، فأتى ملك فقال: إن ربك يأمرك بكذا وكذا، فخشي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون شيطاناً، فقال يا جبريل! أتعرفه؟ فقال: هو ملك، وما كل ملائكة ربك أعرف.
وأخرج الترمذي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: قال أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجداً. حسنه الترمذي، وصححه الحاكم، وقال المناوي: وهذا الحديث حسن أو صحيح.
وجند الله تشمل الملائكة، وغيرهم من المخلوقات، قال الشوكاني -رحمه الله- عند قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ: أي ما يعلم عدد خلقه ومقدار جموعه من الملائكة وغيرهم إلا هو وحده ولا يقدر على ذلك أحد. اهـ.
ولا شك أن هذه المخلوقات التي ذكرت جند الله، ولذا أرسلها الله تعالى عذاباً على فرعون وقومه، قال الله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ [الأعراف:133].
والله أعلم.