الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم من أجلّ الأعمال، كما أن قطيعتها من كبائر الذنوب، فعن جبير بن مطعم أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا يدخل الجنة قاطع. متفق عليه.
والرحم التي تجب صلتها وتحرم قطيعتها هي: كل ذي رحم محرم على القول الراجح، وأما بقية الأقارب: فتستحب صلتهم ولا تجب، كما بيناه في الفتوى: 11449. فالعم والعمة تجب صلتهما، وتحرم قطيعتهما، وأما أبناؤهما فتستحب صلتهم ولا تجب.
وينبغي أن يُعلم أن ما توصل به الرحم خاضع للعرف؛ إذ لم يرد عن الشرع فيه حد معين، فتارة يكون بالمال, وتارة بالزيارة، أو غيرهما، قال النووي: وأما صلة الرحم: فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة, والسلام, وغير ذلك. اهـ. فزيارة ذوي الرحم ليست واجبة في كل حال، بل تجب إن كان في العرف يعد ترك الزيارة قطيعة، وانظر في هذا الفتوى رقم: 122572.
فالذي نوصيك به: هو مجاهدة نفسك في صلة رحمك بالزيارة، وغيرها من أنواع الصلة. وأما كون زيارة ذوي رحمك ستوقعك في سخريتهم فهو من خدَع النفس والشيطان؛ لصدك عن نيل فضل صلة الرحم وثوابها.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 96627.
والله أعلم.