الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد روى مالك في الموطأ، وأصحاب السنن، حديثا، قال صلى الله عليه وسلم: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغِرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح: قالَ ابْن التِّين: هَذِهِ كُلّهَا مِيتَات فِيهَا شِدَّة، تَفَضَّلَ اللَّه عَلَى أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ جَعَلَهَا تَمْحِيصًا لِذُنُوبِهِمْ، وَزِيَادَة فِي أُجُورهمْ يُبَلِّغهُمْ بِهَا مَرَاتِب الشُّهَدَاء. انتهى.
وعليه، فالذي يظهر أن من مات بالصعق الكهربائي لا يعد في حكم الشهداء، وإنما هو موت فجأة، وهو موت راحة للمؤمن كما في المسند، وغيره من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موت الفجأة فقال: راحة للمؤمن، وأخذة أسف للفاجر.
وأما إن أدى الصعق الكهربائي إلى احتراق الميت، فيكون حينئذ في حكم الشهيد بسبب الحرق.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 3397، 34588.
وأما إحساسك وشعورك بأن خالك –رحمه الله- لا يزال حيا، فلا شيء في ذلك، ولا تؤاخذين على مثل هذه الخواطر ما لم تتكلمي بسوء، أو تعملي، والغالب أن هذه الأحاسيس راجعة –كما ذكرتِ- إلى شدة تعلقك به، وإلى شدة خبر وفاته عليك.
وأما دعاء أهل الميت من غير أولاده، فلا يعتبر من عمله الذي لا ينقطع، بل ذاك خاص بأولاده؛ فإن الولد من كسب أبيه، وإن كان الميت ينتفع بدعاء غيره له من الأقارب والأباعد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عند كلامه عن حديث: انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
قال: فذكر الولد، ودعاؤه له خاصين؛ لأن الولد من كسبه كما قال: {ما أغنى عنه ماله وما كسب} قالوا: إنه ولده، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه. فلما كان هو الساعي في وجود الولد، كان عمله من كسبه، بخلاف الأخ، والعم، والأب ونحوهم، فإنه ينتفع أيضا بدعائهم، بل بدعاء الأجانب، لكن ليس ذلك من عمله، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: انقطع عمله إلا من ثلاث. لم يقل: إنه لم ينتفع بعمل غيره، فإذا دعا له ولده، كان هذا من عمله الذي لم ينقطع، وإذا دعا له غيره لم يكن من عمله، لكنه ينتفع به. انتهى.
والله أعلم.