الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن يتعاون المسلم مع غيره من إخوانه الذين يسعون لإقامة الدين، ونشر الإسلام وتعليم الجاهل....
وهذا من باب التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله تعالى به في محكم كتابه، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
أما الانضمام إلى الأحزاب العلمانية أو الشيوعية، أو التنظيمات الماسونية والمشبوهة، فلا يجوز لمحاربتها العلانية والخفية للإسلام وعدائها للمسلمين، ولأن أكثرها يعمل لصالح اليهودية العالمية أو الصليبية...
وكثير من قادة هذه الأحزاب والمنظمات يتظاهر بالإسلام، وربما رفع شعارات القومية أو الوطنية... ليموه على العوام.
وقد انضم إليهم كثير من عوام المسلمين مع الأسف، فالانضمام لهؤلاء من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه في محكم كتابه، إلا إذا كان المسلم في بلد غير مسلم، ويلحقه الضرر إذا لم يكن منتمياً لحزب أو تنظيم يدافع عنه أو يحميه من الظلم..... فهذا يجوز له من باب الضرورة، ويقدر ذلك بقدر ما يضطر إليه.
وأما الانتماء إليهم والدخول فيهم بقصد خدمة الإسلام، فهذا لا يجوز إلا بإذن الإمام أو تكليف منه أو ممن ينوب عنه، وذلك لما يترتب عليه من مخاطر، أما إذا كان بإذن الإمام أو تكليف منه، فإنه يجوز، فقد كلف النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ببعض المهام وهم داخل الكفار وفي صفوفهم، ومن هؤلاء نعيم بن مسعود رضي الله عنه في غزوة الأحزاب، وقد وردت قصته في سيرة ابن هشام ولها أصل في الصحيحين، ومنهم عبد الله بن أنيس رضي الله عنه في سريته المشهورة حيث انتسب إلى خزاعة، كما في سيرة ابن هشام وأخرجه أبو داود وغيره.
والحاصل: أنه لا يجوز للمسلم الانتماء إلى الأحزاب والمنظمات المشبوهة.... إلا في حالة الضرورة أو بتكليف من إمام المسلمين أو من ينوب عنه من أهل الحل والعقد.
والله أعلم.