الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الحيض لا يقطع تتابع صيام الشهرين المتتابعين.
قال الموفق في المقنع: فَإِنْ تَخَلَّلَ صَوْمَهَا صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَوْ فِطْرٌ وَاجِبٌ كَفِطْرِ الْعِيدِ، أَوْ الْفِطْرُ لِحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ مَرَضٍ مَخُوفٍ، أَوْ فِطْرُ الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ لِخَوْفِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا لَمْ يَنْقَطِعْ التتابع. انتهى.
ولكن توقع نزول الحيض لا يبيح الفطر قبل نزوله بالفعل؛ لأن الحيض قد ينزل، وقد لا ينزل، وقد نص الفقهاء على مثل هذا في الفطر في رمضان. قال الحطاب في مواهب الجليل: وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ، إِذَا كَانَتْ مُعْتَادَةً أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فِي يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ، فَأَصْبَحَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُفْطِرَةً قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ، ثُمَّ جَاءَهَا الْحَيْضُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبِلَهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا كَفَّارَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَرَآهُ مِنَ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ. اهـ.
وإذا كان توقع الحيض لا يبيح الفطر، فإنها تكون قد قطعت صومها قبل حصول السبب المبيح، وانقطع التتابع الواجب، فعليها أن تستأنف صيام الشهرين من أولهما، ولا تبني على ما صامته قبل ذلك.
والله أعلم.