الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن كل أمر حادث في هذا الكون، فإنه لا يقع إلا بتقدير الله تعالى، قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49}.
فلا يقع في كونه سبحانه شيء من غير إذنه، ومن ذلك أمر المطر، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ {النور:43}.
وتفريق السحب ـ ويقصد به ذهابها ومنع نزول المطر ـ إن كانت هنالك تقنية حقيقية يحصل بها ذلك، فإنها لا تنافي ما سبق ذكره من كون ذلك بتقدير الله، فإن الذي علم الإنسان هذه التقنية، والذي أقدره على فعلها هو الله عز وجل، ومع هذا كله لو شاء سبحانه أن ينزل المطر لفعل، ولا يمنع من ذلك مانع، فيمكنه أن يسلب هذه الأسباب تأثيرها بقدرته كما فعل مع نار إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهي نار تحرق، فقال لها ما أخبر به في سورة الأنبياء: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ {الأنبياء:69}.
ومما يتعلق بهذا الباب أيضا ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل، فقال: ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء.
فتبين أن الأمر كله بيد الله تعالى.
والله أعلم.