الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرتِه من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد صحيح، وكان ذلك عام الفتح، إلا أن السنة هي تجديد الوضوء عند كل صلاة، ولكن لا يجب الوضوء للصلاة إذا كان القائم لها على وضوء، ففي صحيح مسلم من حديث بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح توضأ، ومسح على خفيه، وصلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول الله؛ إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله، فقال: عمداً فعلته يا عمر.
وروى البخاري عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ.
وقد قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في التمهيد: الوضوء للصلاة ليس بواجب على القائم إليها إذا كان على وضوء، وأن دخول الوقت وحضور الصلاة لا يوجبان على من لم يحدث وضوءا، وعلماء المسلمين متفقون على ذلك. انتهى.
واعلمي أن الوهم في نقل حديث النبي صلى الله عليه وسلم دون قصد يقع لكثير من الناس وحتى للمحدثين، وربما وقع لبعض الحفاظ، فلا يعد كذبا على النبي صلى الله عليه وسلم، لعدم تعمدهم له، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. متفق عليه.
وواضح من سؤالك هذا ومن أسئلتك السابقة أنك تعانين من تسلط الشيطان عليك بالوساوس، وسبب ذلك هو استرسالك مع الوساوس واستسلامك لها وعدم مجاهدتك نفسك في تركها والإعراض عنها، وقد بينا مرارا وتكرارا أن أفضل علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله هو الإعراض عنها وعدم الاكتراث بها ولا الالتفات إلى شيء منها، وانظري الفتويين: 51601 - 134196.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 10708.
والله أعلم.