الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فلا يجوز لأخيك أن يصلي جمعة في مكان عمله، بل الواجب عليه أن يسعى إليها ولو في أقرب مسجد إليه تقام فيه الجمعة؛ لقول الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [سورة الجمعة : 9]
والتخلف عن الجمعة من غير عذر يعتبر كبيرة من كبائر الذنوب، وليس العمل عذرا في أصله يُبَاحُ معه التخلف عنها، فالله أمر بتركه والسعي إليها؛ إلا إذا لم تسمح له جهة العمل بالانصراف، وعلم أنه إن ذَهَبَ طُرِدَ من العمل، ولا يجد له بديلا، وليس عنده ما يكفيه لمعيشته، فإنه ربما يُعذر حينئذ للضرورة ، ويقيم الجمعة في هذه الحال في مكان عمله إذا وُجد معه عدد من المستوطنين - وهم من يتخذون تلك المدينة وطنا لهم وليسوا مجرد مقيمين لحاجة –
وقد تعددت أقوال أهل العلم في العدد الذي تنعقد به الجمعة، وذكرناها في الفتوى رقم 107604 ونرجو إذا وُجد معه رجلان أن تنعقد الجمعة بهم ، ولا بد أن يخطبوا خطبة الجمعة؛ لأن الخطبة شرط لصحة الجمعة في قول عامة أهل العلم، فلا تصح الجمعة بدونها ، قال ابن قدامة في المغني : الْخُطْبَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ ، لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَقَتَادَةُ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا ، إلَّا الْحَسَنَ ، قَالَ : تُجْزِئُهُمْ جَمِيعَهُمْ ، خَطَبَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَخْطُبْ ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ عِيدٍ ، فَلَمْ تُشْتَرَطْ لَهَا الْخُطْبَةُ ، كَصَلَاةِ الْأَضْحَى. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : { فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ } وَالذِّكْرُ هُوَ الْخُطْبَةُ ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكَ الْخُطْبَةَ لِلْجُمُعَةِ فِي حَالٍ ؛ وَقَدْ قَالَ : { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قَصُرَتْ الصَّلَاةُ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ وَقَوْلُ عَائِشَةَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : كَانَتْ الْجُمُعَةُ أَرْبَعًا فَجُعِلَتْ الْخُطْبَةُ مَكَانَ الرَّكْعَتَيْنِ . اهـ
وإذا لم يوجد معه من تنعقد بهم الجمعة، فإنه يصلي ظهرا أربع ركعات بنية الظهر، ولا يصلي ركعتين بنية الجمعة ، ويجب عليه أن يسعى لاستبدال عمله ذلك بعمل آخر لا يحول بينه وبين فعل ما أمره الله به ، وانظر الفتويين: 152611 ، 130802 وكلاهما عن حكم إقامة الجمعة في مصلى العمل .
وأما عن نصاب عملة اليورو فانظر في سوق الذهب كم يساوي 85 جراما من الذهب بتلك العملة فما بلغه فهو النصاب، وذلك أن العملات النقدية نصابها هو ما يساوي نصاب الذهب ، فنصاب الذهب هو عشرون ديناراً، وهو ما يعادل 85 جراماً من الذهب، ونصاب الفضة هو مائتا درهم ويعادل 595 جراماً من الفضة، فإذا أراد المرء أن يعرف النصاب من أي عملة كان، فلينظر كم قيمة الذهب والفضة بتلك العملة ، ثم لينظر أيهما أحظ للفقراء فهو النصاب من تلك العملة، وبهذا يمكنك أن تعرف النصاب من أي عملة، والمقدار الذي يجب إخراجه هو ربع العشر أي اثنان ونصف في المائة.
والله تعالى أعلم.