الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بالاستقامة والتوبة مما كنت فيه، ونسأل الله لنا ولك الثبات والقبول.
أما بخصوص ما سألت عنه، من جواز قطع أرحامك بسبب ما يسببون لك من أذى وازدراء .. الخ. فالجواب أن ذلك لا يبيح قطعهم، ولا يسقط حق صلتهم، وإنما يسقط من صلتهم ما يتسبب في إساءتهم؛ سواء كانت المحادثة أم الزيارة، وتبقى صور أخرى كالدعاء لهم، وتقديم العون، والخدمة، وتفقد أحوالهم، وإلقاء السلام عليهم، وللمزيد فيما ذكره أهل العلم من صور صلة الرحم تنظر الفتوى: 8744 .
وبه تعلم أنه لا حرج في الاكتفاء بالاتصال بهم والسؤال عن حالهم ونحو ذلك من أنواع الصلة ما دام الأمر كما ذكرت.
لكن هذا كله من باب الرخصة، أما العزيمة: فهي الديمومة على الصبر على الأذى منهم، والإقامة على الصلة بأتم أوجهها، فإن حسن الخلق ليس كف الأذى فحسب، بل يدخل فيه كذلك احتمال الأذى وبذل الندى، وانظر جواب النبي صلى الله عليه وسلم للذي شكا إليه سوء معاملة قرابته له، فعن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي. فقال: «لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك» . رواه مسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: "ليس الواصل بالمكافىء، وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا". رواه البخاري في الأدب المفرد
فالأولى لك أن تتحمل أذاهم وتقابل إساءتهم بالإحسان، وليكن في أسلوبك معهم رفق ولين وحكمة مع الدعاء لهم عسى الله تعالى أن يغير من حالهم إلى الأفضل.
أما بخصوص الأرحام الواجب صلتهم والمستحب صلتهم ، فراجع بشأنه الفتوى رقم: 11449 ، وأما بخصوص درجات الصلة ، فقد سبق بيانها في الفتوى التي أحلناك عليها برقم : 8744، فراجعها .
والله أعلم.