الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم القصاص في حق أولياء القتيل هو الجواز، لأنهم مخيرون بينه وبين العفو، أو أخذ الدية، وإنما الواجب الوقوف عند الحد وعدم تجاوزه.
قال الطبري في تفسيره عند قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [البقرة:178].
قال -رحمه الله-: يعني جلَّ ذِكرُه بقولِه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}: فُرِض عليكم.
فإن قال قائلٌ: أَفرضٌ على وليِّ القتيلِ القِصاصُ مِن قاتِل وَلِيِّه؟
قيل: لَا، ولكنَّه مباحٌ له ذلك، والعفوُ، وأخذُ الدِّيَةِ.
فإن قال: وكيفَ قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ}؟
قيل: إن معنَى ذلك على خلافِ ما ذهَبتَ إليه، وإنما معناه: يا أيها الذين آمَنوا كُتب عليكم في القتْلَى قِصاصٌ؛ الحرُّ بالحرِّ، والعبدُ بالعبدِ، والأُنْثى كفْءُ الأنثى. أي أن الحرَّ إذا قتَل الحرَّ، فدمُ القاتلِ كفءٌ لدمِ القتيلِ بالقِصاصِ منه دونَ غيرِه مِن الناسِ، ولا تُجاوِزوا بالقتلِ إلى غيرِه ممن لم يقتُلْ؛ فإنه حرامٌ عليكم أن تقتُلوا بقتيلِكم غيرَ قاتلِه.... إلى آخر ما ذكره -رحمه الله-، وهو كلام نفيس، من أراد المزيد فليرجع إليه.
والله أعلم.